فيها أن القرآن أساء فيها إلى أنبياء الله الكرام، وانتقص من أقدارهم، والعجب كل العجب أن هذه الغيرة المزعومة على الأنبياء صدرت ممن تطفح كتبه بنسبة الكفر والكبائر من الذنوب والإثم إلى الأنبياء، ففي توراتهم التي يؤمن بها كل من اليهود والنصارى أن نوحاً عليه السلام سكر وظهرت عورته أمام أبنائه (انظر التكوين ٩/ ٢٥ - ٢٦)، وأن لوطاً أسكرته ابنتاه، وضاجعتاه، وأنجبتا منه (انظر التكوين ١٩/ ٣٠ - ٣٧)، وأن هارون عليه السلام صنع العجل الذهبي لبني إسرائيل ليعبدوه من دون الله (انظر الخروج ٣٢/ ٢ - ٤)، وأنه وأخاه موسى - عليهما السلام - خانا الله (انظر التثنية ٣٢/ ٥١)، ولم يؤمنا به (انظر العدد ٢٠/ ١٢).
ولا تخص التوراة النبي موسى بالأمر بقتل النساء والأطفال (انظر العدد ٣١/ ١٤ - ١٨)، بل تنسب هذا الفعل المريع الشنيع إلى وصيه النبي يوشع بن نون (انظر يشوع ٦/ ٢٠ - ٢٤)، وإلى نبي الله داود الذي تزعم الأسفار أنه لم يكتف بقتل النساء والأطفال، بل عمد إلى نشر أعدائه الفلسطينيين بالمناشير، وحطم عظامهم بالفؤوس قبل أن يحرقهم في الأفران (انظر صموئيل (٢) ١٢/ ٣١) و (الأيام (١) ٢٠/ ٣).
وقد نال هذا النبيَّ الكريم الأواب (داود)، وابنَه الحكيم سليمان النصيبُ الأكبر من الجرح والسوء، فيذكر سفر صموئيل أنه رقص حتى تكشفت عورته أمام عبيده (انظر صموئيل (٢) ٦/ ١٤ - ٢٠)، وأنه قتل مائتين من الفلسطينيين، وقطع غُلُفهم ليقدمها مهراً لزوجته ميكال ابنة الملك شاول (انظر صموئيل (١) ١٨/ ٢٧)، وأنه حين تولى الملك ضاجع زوجة قائده أوريا، فحبلت منه، فدفع زوجها إلى الموت ليستر على فعلته (انظر صموئيل (٢) ١١/ ٢ - ٢٦).
وأما ابنه النبي الحكيم سليمان؛ ففي التوراة - التي يؤمن بها الطاعنون في القرآن الكريم - أن نساءه الوثنيات أملن قلبه إلى آلهتهن في شيخوخته، فبنى معابد