للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجدر التنبيه هنا إلى أنه لا يلزم من تخيله - صلى الله عليه وسلم - أنه فعل الشيء الذي لم يفعله أن يجزم بتخييله ذاك، فقد يكون تخييله من جنس الخاطر الذي يخطر على باله ولا يثبت (١)، وهو أمر قد يحصل لأي أحد من غير سحر ولا نفث عقد.

وقد اعتبرت الملائكة ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من السحر من جنس المرض الذي يصيب الأنبياء وغيرهم، فقال «أحدهما للآخر: ما وجع الرجل؟» فاعتبراه مريضاً، وكذلك اعتبره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد قال في آخر الحديث: «فأما أنا فقد شفاني الله» (٢)، وفي رواية: «إن الله أنبأني بمرضي»، وكذلك ورد في حديث عائشة قولُها: (فكان يدور ولا يدري ما وجعه) (٣)، وقال ابن عباس: (مرض النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأُُخذ عن النساء والطعام والشراب) (٤).

وفي قصة سحره - صلى الله عليه وسلم - فوائد، منها: قطع ذرائع الغلو في شخصه - صلى الله عليه وسلم -، والإيمان أنه بشر كسائر البشر {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً} (الإسراء: ٩٣).

ومنها الدلالة على نبوته - صلى الله عليه وسلم - (٥)، فقد قالت أخت الساحر لبيد: "إن يكن نبياً فسيُخبر، وإلا فسيذهله هذا السحر حتى يذهب عقله" (٦)، وقد كانت الأُولى حين أخبر، ثم شفي لما أنزل الله عليه المعوذتين.


(١) انظر: فتح الباري، ابن حجر (١٠/ ٢٢٦).
(٢) أخرجه البخاري ح (٣٢٦٨).
(٣) انظر: فتح الباري، ابن حجر (١٠/ ٢٢٧ - ٢٢٨).
(٤) انظر: ابن سعد في الطبقات (٢/ ١٩٨)، والبيهقي في الدلائل (٦/ ٢٤٨) وأضواء البيان، الشنقيطي (٤/ ١٣٠).
(٥) انظر: فتح الباري، ابن حجر (١٠/ ٢٢٧)، ولأجل ذلك أورد البيهقي قصة سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتابه "دلائل النبوة".
(٦) أخرجه ابن سعد في الطبقات ح (٢/ ١٩٨)، وهو مرسل.

<<  <   >  >>