للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في محمد رجلاً مصاباً بمرض عصبي أو بداء الصرع، ولكن تاريخ حياته من أوله إلى آخره، ليس فيه شيء يدل على هذا، كما أن ما قام به فيما بعد من التشريع والإدارة يناقض هذا القول" (١).

ثم إن الصرع مرض معروفة أعراضه، كاصفرار الوجه، وذهول العقل، وغياب الذاكرة، وارتعاش الجسد، وفقدان السيطرة على الجسم، وغالباً ما يصحبه تقيؤ وإفرازات لعابية، وقد يصحبه تبول لا إرادي، وغير ذلك مما نعرفه من أحوال المصروعين، فهل كان شأنه - صلى الله عليه وسلم - حال الوحي كحال المصروعين؟

للوقوف على جواب السؤال ومعرفة حقيقة ما يرافق الوحي من أحوال؛ فإننا يمكننا رصد عدة مظاهر:

١ - يُسمع صوت أزيز بجوار أذنه، ثم ينفصل عنه وقد وعى ما أوحي إليه، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال» (٢)، ويقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (كان إذا نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل) (٣).

٢ - يصيبه تعرق شديد حتى في الليلة الباردة، تقول عائشة: (فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه؛ وإن جبينه ليتفصد عرقاً) (٤).

٣ - تغشاه السكينة ويطرِق برأسه إلى الأرض، فأما غشيان السكينة عليه فيخبر به زيد بن ثابت بقوله: (إني قاعد إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً إذ أوحي إليه،


(١) انظر: الإسلام والرسول في نظر منصفي الشرق والغرب، أحمد بوطامي، ص (٦٢).
(٢) أخرجه البخاري ح (٢).
(٣) أخرجه الترمذي ح (٣١٧٣)، وأحمد ح (٢٢٤).
(٤) أخرجه البخاري ح (٢).

<<  <   >  >>