للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أن للجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بها، فالناظر إلى الشمس يتخيل كأنها تغيب في تلك البحار" (١).

وقال ابن كثير: " {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ} أي: فسلك طريقًا حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب، وهو مغرب الأرض. وأما الوصول إلى مغرب الشمس من السماء فمتعذر، وما يذكره أصحاب القصص والأخبار من أنه سار في الأرض مدّة والشمس تغرب من ورائه فشيء لا حقيقة له. وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب، واختلاق زنادقتهم وكذبهم.

وقوله: {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} أي رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله، يراها كأنها تغرب فيه، وهي لا تفارق الفلك الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه" (٢).

وما زال هذا المعنى مشهوراً عند العلماء في القديم والحديث، ومنه قول سيد قطب: "مغرب الشمس هو المكان الذي تغرب عنده وراء الأفق، وهو يختلف بالنسبة إلى المواضع، فبعض المواضع يرى الرائي فيها أن الشمس تغرب خلف الجبل، تغرب في الماء كما في المحيطات ... والظاهر من النص أن ذا القرنين غرب حتى وصل إلى نقطة على شاطئ المحيط الأطلسي ... فرأى الشمس تغرب فيه، والأرجح أنه كان عند مصب أحد الأنهار حيث تكثر الأعشاب، ويجتمع حولها طين لزج هو الحمأ، وتوجد البرك، وكأنها عيون الماء ... عند هذه الحمأة وجد ذو القرنين قوماً ... " (٣).

ولئن كان المدعي لهذه الأبطولة يتحدث عن غروب الشمس في عين؛ فإن


(١) التفسير الكبير، الرازي (٢١/ ١٦٦).
(٢) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير (٣/ ١٩١).
(٣) في ظلال القرآن، سيد قطب (٣/ ٢٢٩١).

<<  <   >  >>