للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لروايته، كما لا تفيد جرحاً.

وأما شيخه في هذه الرواية، ابن مسهر فقال عنه ابن حجر: "قاضي الموصل، ثقة له غرائب بعد أن أضر" (١)، فمن كان هذا حاله ترد عليه غرائبه، وتطوى ولا تُروى.

ولو فرض المحقق صحة الإسناد فإن في المتن ما يقتضي رده، إذ ينسب إلى عائشة رضي الله عنها جهلها بما ذكرناه من أوجه الإعراب التي لا تخفى على العرب زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد بيَّن ذلك الإمام أبو عمرو الداني حين أعل الرواية لأنها جعلت "أم المؤمنين رضي الله عنها مع عظيم محلها وجليل قدرها واتساع علمها ومعرفتها بلغة قومها؛ لحَّنت الصحابة وخطّأت الكتبة، وموضعهم من الفصاحة والعلم باللغة، وموضعهم الذي لا يُجهل ولا يُنكر، هذا لا يسوغ ولا يجوز.

وقد تأوّل بعض علمائنا قول أم المؤمنين: (أخطؤوا في الكتاب) أي"أخطؤوا في اختيار الأَولى من الأحرف السبعة بجمع الناس عليه، لا أن الذين كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز، لأن ما لا يجوز مردود بإجماع، وإن طالت مدة وقوعه وعظم قدر موقعه، وتأوّل اللحن أنه القراءة واللغة" (٢).

وأكد على هذا المعنى الزمخشري: "ولا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحناً في خط المصحف، وربما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب ولم يعرف مذاهب العرب، وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتتان، وغُبِّي عليه [أي خفي عليه] أن السابقين الأولين - الذين مَثَلُهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل - كانوا أبعد همة في الغيرة على الإسلام وذَبِّ المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدها من بعدهم، وخرقاً يرفوه من يلحق بهم" (٣).


(١) تقريب التهذيب، ابن حجر، ص (٤٠٥).
(٢) المقنع في رسم مصاحف الأمصار، أبو عمر الداني، ص (٤٥).
(٣) الكشاف، الزمخشري (١/ ٢٩٦).

<<  <   >  >>