للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- الأَولى أن لا يذكر مع اسم الله أحد، فلا يُثنَّى مع اسم الله ملَك ولا رسول، ولا يُذكر الله تعالى مع غيره في صيغة تشرك معه غيره، بل يفرد بالذكر تعظيماً له، ففي صحيح مسلم أن خطيباً قام عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال في خطبته: "من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى". فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «بِئْسَ الخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ» (١). فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجمع مع الله غيرُه في ضمير واحد.

ج- وذهب سيبويه في فهم الآية على وجود خبر محذوف للعلم به ضرورة، فالمعنى: (الله أحق أن يرضوه، ورسوله كذلك)، فيكون الكلام جملتين حُذف خبر إحداهما لدلالة الثاني عليه، والتقدير: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك (٢)، قال أبو عبيدة: "والعرب إذا أشركوا بين اثنين قصَروا، فخبَّروا عن أحدهما استغناء بذلك، وتحقيقاً لمعرفة السامع أن الآخر قد شاركه، ودخل معه في ذلك الخبر، وأنشد:

فمن يك أمسى بالمدينة رحْلُهُ ... فإني وقيَّارٌ بها لغريب" (٣)

ولم يقل: (لغريبان)، فالمعنى: (إني لغريب، وقيار كذلك).

ومثله كثير في أشعار العرب (٤) كقول الفَرَزدق:

إنّي ضَمِنْتُ لِمَنْ أتانِي ما جَنى ... وأَبي فَكانَ وكُنْتُ غَيرَ غَدُورِ

ولم يقل: (غَدُورَيْن)، والمعنى: (فكنت غير غدور، وأبي كذلك).


(١) أخرجه مسلم ح (٨٧٠).
(٢) إعراب القرآن، ابن سيده (٥/ ٢٩٠).
(٣) مجاز القرآن، أبو عبيدة (١/ ٢٥٧ - ٢٥٨).
(٤) انظر المصدر السابق، وزاد المسير، ابن الجوزي (٣/ ٤٣٠)، والمدخل لدراسة القرآن، محمد أبو شهبة، ص (٣٣٦).

<<  <   >  >>