ب- أن الكثير من العرب يجعل أقل الجمع اثنين، والقرآن وافق العرب في أساليبها في هذا الموضع وفي غيره، فعبر عن المثنى بالجمع، ومنه قول الله لآدم وحواء:{وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}(البقرة: ٣٦)، ووافق أسلوب غيرهم ممن يجعل أقل الجمع ثلاثة في سورة طه، فقال:{قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}(طه: ١٢٣).
ومثله قول الله لموسى وهارون:{قَالَ كَلاَّ فاذهبا بآياتنا إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ}(طه: ١٥)، ووافق أسلوب الآخرين في سورة طه:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وأرى}(طه: ٤٦).
وأمثلته في كلام العرب أكثر من أن تحصى، ومنه قول الأخفش:
لما أتتنا المرأتان بالخبر ... فقلنَ إن الأمر فينا قد شهر
وقال أبو سعيد الزيدي:
يحيِّي بالسلام غنيَّ قوم ... ويَبخلُ بالسلام على الفقير
أليس الموت بينهما سواءً ... إذا ماتوا وصاروا في القبور (١)
فقال:(ماتوا)، ولم يقل:(ماتا)، مع أن واو الجماعة تتعلق باثنين، وهما الغني والفقير.
المسألة الرابعة: تذكير المؤنث
قالوا: أخطأ القرآن حين ذكَّر المؤنث في قوله تعالى: {اللهُ الذِي أَنْزَلَ الكِتَابَ بِالحَقِّ وَالمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}(الشورى: ١٧)، فقال في سياق حديثه عن (الساعة)، وهي مؤنثة:{قَرِيبٌ} ولم يقل: (قريبة).
ومثله في قوله:{وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِين}(الأعراف: ٥٦)، ولم يقل:(قريبة)،