للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان تميم الداري يختمه في كل سبع (١)، وأحياناً كل ليلة (٢).

ويحدثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ظاهرة عرفها تاريخ الإسلام منذ عهد الصحابة الكرام، وهي قيام الليل بآيات وسور القرآن الكريم، فيقول: «إني لأعرف أصوات رفقةَ الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنتُ لم أرَ منازلهم حين نزلوا بالنهار» (٣).

وحتى يثبت القرآن في صدور الصحابة نهج النبي - صلى الله عليه وسلم - نهجاً قويماً رسَّخ حفظهم وجوّد تعلمهم للقرآن، يقول التابعي أبو عبد الرحمن السلمي: (حدثني الذين كانوا يقرئوننا: عثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب - رضي الله عنهم - أن رسول الله كان يقرئهم عشر آيات، فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعمل معاً) (٤).

وتعاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، فكان يقرئهم، ويسمَعهم، فهذا أُبى بن كعب يأتيه رسول الله، ويقول له: «إني أمرتُ أن أقرأ عليك سورة كذا وكذا»، وفي لفظ: «إني أقرئك القرآن، قال: الله سماني لك؟ قال: «نعم»، فبكى أُبي» (٥).

وهذا أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - كان من نجباء الصحابة، وكان من أحسن الناس صوتاً، سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قراءته، فقال مشجعاً له: «لقد أوتاتَ مزماراً من مزامير آل داود» (٦).

وأما عبد الله بن مسعود فجلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: «اِقرأ علي». فقال: يا


(١) انظر: فضائل القرآن، ابن كثير (١/ ١٦٥).
(٢) انظر: مصنف ابن أبي شيبة ح (٣٧١١).
(٣) أخرجه البخاري ح (٤٣٣٢)، ومسلم ح (٢٤٩٩).
(٤) أخرجه ابن مجاهد في كتابه "السبعة في القراءات"، ص (٦٩).
(٥) أخرجه البخاري ح (٤٩٦١)، ومسلم ح (٧٩٩).
(٦) أخرجه البخاري ح (٥٠٤٨)، ومسلم ح (٧٩٣).

<<  <   >  >>