للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله، أقرأُ عليك، وعليك أُنزل؟ قال: «نعم، أحب أن أسمعه من غيري».

يقول ابن مسعود: فقرأتُ سورة النساء حتى أتيتُ إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً} (النساء:٤١)، فقال: «حسبك»، فإذا عيناه تذرفان (١).

وحين ولي أبو الدرداء - رضي الله عنه - قضاء دمشق، كان يجمع الناس على مائدة القرآن، يقول سويد بن عبد العزيز: (كان أبو الدرداء إذا صلى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة، وعلى كل عشرة عريفاً، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم يرجع إلى عريفه، وإذا غلط عريفهم يرجع إلى أبي الدرداء يسأله عن ذلك، وكان ابن عامر عريفاً على عشرةِ، فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر) (٢).

وعن مسلم بن مشكم أن أبا الدرداء قال له: اعدد من يقرأ عندي القرآن؟ فعددتهم ألفاً وست مائة ونيفاً، وكان لكل عشرة منهم مقراء، وكان أبو الدرداء يكون عليهم قائماً، وإذا أحكم الرجل منهم تحول إلى أبي الدرداء - رضي الله عنه - (٣).

إن هذا الاهتمام من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أثر أكيد لما رأوا من حث النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم على تعلم القرآن، فقد استحث هممهم بقوله: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (٤)، وأخبرهم أنه «يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ، ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه» (٥)، فقراءة القرآن من


(١) أخرجه البخاري ح (٤٥٨٢)، ومسلم ح (٨٠٠).
(٢) معرفة القراء الكبار، الذهبي (١/ ٤١).
(٣) معرفة القراء الكبار، الذهبي (١/ ٤٢).
(٤) أخرجه البخاري ح (٥٠٢٧).
(٥) أخرجه ابن ماجه ح (٣٧٨٠)، وأحمد ح (١٠٩٦٧).

<<  <   >  >>