للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أفضل العبادات، و «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق؛ له أجران» (١).

وقد سارع الصحابة إلى حفظ سور القرآن ومدارستها، فكان منهم المئات من القراء، وقد أتم بعضهم حفظ كامل القرآن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد سأل قتادة خادمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أنس: (أربعة، كلهم من الأنصار: أُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد) (٢).

ولم يقتصر حفظه على الرجال، بل حفظته المؤمنات في خدورهن، وممن حفظه أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصاري، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تؤم أهل دارها، وكان لها مؤذن، فكانت تؤم أهل دارها (٣).

وحتى نقف على كثرة هؤلاء القراء في أول عصور الإسلام وقبل انتشاره في الدنيا؛ يكفينا أن نذكر بأنه قد قتل منهم في يوم بئر معونة سبعون.

وبعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل في وقعة اليمامة الكثير من القراء أيضاً مما استدعى الجمع الكتابي، فقد قال عمر بن الخطاب لخليفة المسلمين أبي بكر: (إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن) (٤)، فكان هذا سبباً في مبادرة الصحابة إلى جمع القرآن في مصحف واحد مكتوب في عهد الصديق.

إن الاهتمام البالغ في حفظ القرآن وتعلمه ليس خاصاً بالصحابة رضوان الله عليهم، بل هو دأب توارثته الأمة جيلاً بعد جيل، ويكفي في هذا الصدد أن ننقل بعضاً من أخبار التابعين.


(١) أخرجه البخاري ح (٤٩٣٧)، ومسلم ح (٧٩٨)، واللفظ له.
(٢) أخرجه البخاري ح (٥٠٠٣)، ومسلم ح (٢٤٦٥).
(٣) أخرجه أبو داود ح (٥٩١)، وأحمد ح (٢٦٧٣٩).
(٤) أخرجه البخاري ح (٤٩٨٦).

<<  <   >  >>