للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونبدأ بخبر التابعي أبي عبد الرحمن السلمي، فقد تعلم القرآن من عثمان وعلي رضي الله عنهما، ثم كان يُقراء الناس في المسجد أربعين سنة، وكان يعلمهم القرآن خمس آيات خمس آيات.

وأما مجاهد المكي فيقول: "ختمت القرآن على ابن عباس تسعاً وعشرين مرة".

ولما حضرت الوفاة أبا بكر بن عياش بكتْ أخته، فقال لها: "ما يبكيك، انظري إلى تلك الزاوية، قد ختمت فيها ثماني عشرة ألف ختمة" (١).

ولقد ورد عن عدد من التابعين أنهم كانوا يختمون القرآن خلال أيام معدودات لا تكاد تتجاوز أصابع اليد الواحدة، أي كان القرآن نهمتهم في النهار وأنيسهم في الليل، ومنهم سعيد بن المسيب وعلقمة والأسود النخعيين، فقد روى البيهقي عن إبراهيم النخعي أنه قال: "كان الأسود يقرأ القرآن كل ست ليال، وكان علقمة يقرؤه في كل خمس ليال" (٢).

وقال المروذي: "كان سعيد بن المسيب يختم القرآن في ليلتين، وكان ثابت البناني يقرأ القرآن في يوم وليلة .. وكان أبو حرة يختم القرآن كل يوم وليلة، وكان عطاء بن السائب يختم القرآن في كل ليلتين .. " (٣).

وقد نقل القرآن الكريم إلينا بحفظ الجموع عن الجموع في كل عصر، ويحفظه اليوم الملايين من المسلمين في أصقاع الأرض، ليحقق القرآن وصف الله له بقوله في الحديث القدسي: «ومنزل عليك كتاباً لا يغسله الماء؛ تقرؤه نائماً ويقظان» (٤).


(١) انظر هذه النماذج من العناية بالقرآن وغيرها في كتاب معرفة القراء الكبار، الذهبي (١/ ٣٠، ٥٣، ٦٧، ١٣٨).
(٢) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٢/ ٣٩٩).
(٣) تحفة الأحوذي، المباركفوري (٨/ ٢١٩).
(٤) أخرجه مسلم ح (٢٨٦٥).

<<  <   >  >>