فسواهن في يومين آخرين، ثم دحا الأرض، ودحوها أن أخرج منها الماء والمرعى وخلق الجبال والجمال والآكام وما بينهما في يومين آخرين). (١) وشهرة هذا الوجه عند المفسرين تغني عن تفصيله.
الثاني: وهو الذي ذكره بعض المتأخرين من أهل العلم، وهو ما يترجح لي، وأجمله بالقول: السماوات والأرض خلقتا معاً في اليومين الأولين، ثم تكامل خلق الأرض وإعدادها للإنسان في الأربعة الأخيرة من الأيام الستة.
وتفصيله: الله خلق السموات والأرض معاً مجتمعين {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا}(الأنبياء: ٣٠)، والرتق ضد الفتق، أي كانتا منضمتين، بعضهما إلى بعض، ثم فتقهما الله، فحدث ما يسمى عند علماء الجيولوجيا والفلك بالانفجار الكبير.
وقد وضحت هذا المعنى الآيات القرآنية كما في قوله تعالى عن يوم القيامة:{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}(الأنبياء: ١٠٤)، فالخلق يعود إلى حالته الأولى، فيطوى من جديد {وَجُمِعَ الْشَمْسُ وَالقَمَرُ}(القيامة: ٩).
وأما كون الخلق للسماوات والأرض في يومين فهو لقول الله عن السماوات:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}، وعن الأرض:{خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ}، فهذان هما اليومان الأولان، ثم دحيت الأرض واكتمل إعدادها لصلاح معيشة الإنسان عليها في أربعة أيام أخرى {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ}.
وقد يشكل على البعض - ممن قلَّ علمه بلغة العرب ودلالات الألفاظ فيها- أن آيات سورة فصلت تحدثت عن خلق الأرض في يومين، ثم تحدثت عما