للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} (الرحمن: ٣٩ - ٤١).

قال الربيع بن أنس: " قوله: {وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}: لا يسألون عن إحصائها، يقول: هاتوا فبينوها لنا، ولكن أُعطوها في كتب فلم يشكوا الظلم يومئذ، ولكن شكوا الإحصاء" (١).

وقال الحليمي: "لا يُسألون سؤال التعرف لتمييز المؤمن عن الكافر، أي إن الملائكة لا تحتاج أن تسأل أحداً يوم القيامة، فتقول: ما كان ذنبك، وما كنت تصنع في الدنيا حتى يتبين له بإخباره عن نفسه أنه كان مؤمناً أو كافراً، لكن المؤمنين يكونون ناضري الوجوه مشروحي الصدور، والمشركين يكونون سود الوجوه زرقاً مكروبين، فهم إذا كلفوا سوق المجرمين إلى النار، وتمييزهم في الموقف عن المؤمنين كفتهم مناظرهم عن تعرف ذنوبهم" (٢).

وأما سؤال الحساب والتوبيخ والتقريع فهذا نوع آخر من السؤال، يسأله الله تبارك وتعالى المجرمين، بل ويسأل الأنبياء ليقرع المجرمين ويقيم عليهم الشهود {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} (الأعراف: ٦).

وقد ذكر القرآن في مواضع عديدة صوراً من هذه الأسئلة التقريعية التوبيخية التي سيسألها الله للمجرمين على سبيل التوبيخ، كما في قوله: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ} (الصافات: ٢٥) , وكقوله: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ} (الطور: ١٥)، وكقوله: {ألم يأتكم رسلٌ منكم} (الأنعام: ١٣٠)، وكقوله: {ألم يأتكم نذيرٌ} (الملك: ٨)، فهذا كله مثبت معلوم.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٣٠١٢).
(٢) شعب الإيمان، البيهقي (٢/ ٥٠).

<<  <   >  >>