للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعقابه، قال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ الله وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ الله كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} (النساء: ٣٤)، فالضرب آخر وسائل الإصلاح، ويكون بعد الوعظ والهجر واستفراغ الجهد في التقويم والإصلاح.

وحين نتحدث عن الضرب تدور في مخيلة البعض النماذج السيئة التي يئن العالم في شرقه وغربه منها، فقد أصبح العنف مع النساء والقسوة معهن مرضاً عالمياً مزرياً بالإنسان اليوم، وهو بالطبع مما يحرمه القرآن الذي لا يأذن بالضرب المبرح، فالجائز في ضرب الناشز؛ الضرب غير المبرح، وقد مثلوا لها بضربها بالسواك، وهو عود صغير لو ضرب به طفل لما تأذى، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - منبهاً على قدر الضرب المسموح به: «فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» (١).

أما الضرب المبرح الذي يترك أثراً على الجسد فهو حرام، وبخاصة إذا كان على الوجه، فقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ضرب الحيوان على وجهه، فما بالنا بالزوجة: «أما بلغكم أني قد لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربها في وجهها» (٢).

ولما دخل معاوية القشيريُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعه يؤكد على حقوقها ويقول: «لا تضربِ الوجه، ولا تقبِّحْ، وأطعمْ إذا أُطعمت، واكسُ إذا اكتسيت، ولا تهجُر إلا في البيت، كيف وقد أفضى بعضكم إلى بعض؛ إلا بما حل عليهن» (٣).


(١) أخرجه مسلم ح (١٢١٨).
(٢) أخرجه أبو داود ح (٢٥٦٤).
(٣) أخرجه أحمد ح (١٩٥٤١).

<<  <   >  >>