والظلم، لكن الإسلام غير مسؤول عن هذا الواقع، لأنه بريء منه، فلم يقتل المسلمون العبيد في حلبات المصارعة الرومانية حتى يتسلى السادة بموتهم بين أنياب الوحوش، ولا منعوهم من دخول كنائس السادة البيض، فحال العبيد عند المسلمين كما سنرى تفصيله يختلف عن الواقع الإنساني القائم قبل وبعد الإسلام.
ونسوق قبل هذا التفصيل شهادة غوستاف لوبون:"إن الذي أراه صادقاً هو أن الرق عند العرب [أي المسلمين] خير منه عند غيرهم، وأن حال الأرقاء في الشرق أفضل من حال الخدم في أوربا، وأنهم يكونون جزءاً من الأسرة"(١)، فهيهات بين من يعتبر العبد جزءاً من الأسرة وبين من يستمتع برؤيته بين أنياب الأسود.
إن الباحث في نصوص القرآن والسنة لن يجد فيهما نصاً واحداً يحث على الاسترقاق أو يأمر به، بل على العكس من ذلك جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم تأمر وتحث على إعتاق الرقاب، وتجعله من فاضل العبادات، وتقرنه بالإيمان بالله وصالح الأعمال {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ}(البقرة: ١٧٧)، وكذلك قوله تعالى:{وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً}(النساء: ٣٦)، وقوله:{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ}(البلد: ١١ - ١٣).
ومن رحمة الإسلام بالعبيد وحرصه على فكاكهم أن القرآن جعل عتاق