للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكسوته، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق» (١).

إن عظمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في معاملة رقيقه زيد بن ثابت جعلت زيداً يختار البقاء على العبودية عند النبي - صلى الله عليه وسلم - على المضي حراً مع والديه؛ فكافأه النبي - صلى الله عليه وسلم - بتبنيه، فكان يسمى زيد بن محمد إلى أن ألغى القرآن الكريم التبني، فصار ينسب لأبيه حارثة (٢).

ونعود للقول: إن الإسلام صان الرقيق عن كثير مما يتلبس الرق - عند الأمم الأخرى- من الظلم والمهانة، فالعبد إنسان له من الحقوق على سيده ما يسأل عنه الله يوم القيامة.

فالعبد لا يجوز قتله ولا تعذيبه «من قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه، ومن أخصاه أخصيناه» (٣)، كما لا يجوز اتهامه والطعن في حقوقه الذاتية كسائر الأحرار «من قذف مملوكه وهو بريء مما قال جُلد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال» (٤).

وضرب الرقيق - ولو لطمة واحدة - كاف لضمان عتاقه من سيده عند من يخاف الله ويرجو ثوابه، فقد أعتق ابن عمر مملوكاً له، ثم أخذ من الأرض عوداً أو شيئاً فقال: ما فيه [أي إعتاقي للعبد] من الأجر ما يسوى هذا [أي العود] إلا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول من لطم مملوكه أو ضربه؛ فكفارته أن يعتقه» (٥).

وهذا المعنى النبيل أكده النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة أبي مسعود البدري حين طلع


(١) أخرجه مسلم ح (١٦٦٢).
(٢) انظر: زاد المعاد، ابن القيم (٣/ ١٧).
(٣) أخرجه النسائي ح (٤٧٣٦)، والترمذي ح (١٤١٤).
(٤) أخرجه البخاري ح (٦٨٥٨)، ومسلم ح (١٦٦٠).
(٥) أخرجه مسلم ح (١٦٥٧).

<<  <   >  >>