للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه رسول الله، وهو يضرب غلامه بالسوط فقال: «اعلم أبا مسعود، للهُ أقدر عليك منك عليه» فقال أبو مسعود: يا رسول الله، هو حر لوجه الله. فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أما لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار» (١).

ويحكي مثل هذا سويد بن مقرن المزني: (لقد رأيتنا سبعة إخوة؛ ما لنا خادم إلا واحدة، فلطمها أحدنا، فأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نعتقها) (٢).

ونهى - صلى الله عليه وسلم - عن تعذيب العبيد وتكليفهم ما لا يطيقونه: «من لاءمكم من مملوكيكم فأطعموه مما تأكلون، واكسوه مما تلبسون، ومن لم يلائمكم منهم فبيعوه، ولا تعذبوا خلق الله» (٣).

وأوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - بحسن معاملة الرقيق حتى حال إساءتهم، فقد قعد بين يديه - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقال: يا رسول الله، إن لي مملوكين يَكذبونَني ويخونونَني ويعصونَني؛ وأشتمُهم وأضربُهم، فكيف أنا منهم؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «يحسب ما خانوك وعصوك وكَذّبوك، وعقابُك إياهم، فإن كان عقابُك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافاً لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلاً لك، وإن كان عقابُك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل».

فتنحى الرجل، فجعل يبكي ويهتف لما يعلم من حاله مع مملوكيه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما تقرأ كتاب الله {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (الأنبياء: ٤٧)».

فقال الرجل: والله يا رسول الله، ما أجد لي ولهؤلاء شيئاً خيراً من


(١) أخرجه مسلم ح (١٦٥٩).
(٢) أخرجه مسلم ح (١٦٥٨).
(٣) أخرجه أبو داود ح (٥١٦١)، وأحمد ح (٢٠٩٧٢).

<<  <   >  >>