للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عصبيته لأبناء خاله، فهو الذي تأثر بالقرآن، ولم يتأثر القرآن به، وقد سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - شعر أمية من الشريد بن سويد فأعجبه، وقال: «فلقد كاد يُسلم في شعره» (١).

لكن العجب من زعم المبطلين أن القرآن نقل عن أمية، بينما يشهد أمية على صحة القرآن فيقول لكفار قريش: "أشهد أنه حق" (٢)، فلم لا يقبل القوم شهادته التي تكذب وتنقض دعواهم بنحل القرآن من شعره؟!

كما تذكر الأخبار أن أمية كان يتوق للنبوة قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلو كان النبي ينقل من شعره "هل يعقل سكوت أمية لو كان قد وجد أي ظن وإن كان بعيداً يفيد أن الرسول قد أخذ فكرة منه، أو من المورد الذي أخذ أمية نفسه منه؟ لو كان شعر بذلك، لنادى به حتماً، ولأعلن للناس أنه هو ومحمد أخذا من منبع واحد، وأن محمداً أخذ منه، فليس له من الدعوة شيء، ولكانت قريش وثقيف أول القائلين بهذا القول والمنادين به" (٣).

بل لو كان صحيحاً ما يقال عن النقل من شعر أمية بن أبي الصلت الثقفي لما أسلم أهل بيته، فقد أتت أخته فارعة النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مسلمة بعد فتح الطائف، وأنشدت بين يديه شيئاً من شعر أخيها (٤)، كما ذكر أهل الأخبار والسير إسلام أولاده حين أسلمت ثقيف كلها، فابنه القاسم ذكره ابن حجر في الصحابة، وكان شاعراً، وهو الذي رثى عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بقوله:

لعمري لبئس الذبح ضحيتم به ... خلاف رسول الله يوم الأضاحي


(١) أخرجه مسلم ح (٢٢٥٥).
(٢) البداية والنهاية، ابن كثير (٢/ ٢٨٥).
(٣) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي (١٢/ ٦٨).
(٤) أخرجه أبو بكر الشيباني في الآحاد والمثاني ح (٣٤٧٩).

<<  <   >  >>