للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (١) وَفِي رِوَايَةٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (٢).

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى , قَالَ: قُلْنَا لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ، قَالَ: «كَبِرْنَا وَنَسِينَا , وَالحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ شَدِيدٌ» (٣).

هكذا تشدَّدَ الصحابة في الحديث، وأمسك بعضهم عنه كراهية التحريف، أو الزيادة والنقصان في الرواية عن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَنَّ كثرة الرواية كانت في نظر كثير منهم مظنة الوقوع في الخطأ، والكذب على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الكذب عليه وعن رواية ما يرى أنه كذب، من ذلك قوله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: «مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبَيْنِ» (٤).

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَفَى بِالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» (٥).

وكان الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - يخشون أنْ يقعوا في الكذب عامة، فكيف


(١) " سنن ابن ماجه ": ص ١٠ جـ ١ وقوله: «أَمَا إِنِي لَمْ أُفَارِقْهُ» يعني به أَنَّ ذلك ليس لقلة صحبته.
(٢) " الكفاية ": ص ١٠٢، وأخرجه " البخاري " كذلك: انظر " فتح الباري ": ص ٢١٠ جـ ١، ونظر " المصباح المضيء ": ص ٢٠: ب و" تمييز المرفوع من الموضوع ": ص ٢: ب.
وفي رواية " الكفاية ": قال: «قُلْتُ لأَبِي الزُّبَيْرِ ... » الحديث.
وانظر " طبقات " ابن سعد: ص ٧٥ قسم ١ جـ ٣ من طريق وهب بن جرير وقال بعد رواية الحديث: «وَاللَّهِ مَا قَالَ مُتَعَمِّدًا وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ مُتَعَمِّدًا».
(٣) " سنن ابن ماجه ": ص ٨ جـ ١ و" سنن البيهقي ": ص ١١ جـ ١٠ و" المحدث الفاصل ": ص ١٣٢: آ.
(٤) مقدمة " التمهيد " لابن عبد البر: ص ١١.
(٥) مقدمة " التمهيد ": ص ١١ وفي رواية ابن مسعود (إِنَّمَا) بدل (كَذِبًا) وانظر " تذكرة الحفاظ ": ص ١٥ جـ ١.