للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيْضًا بَلْ يَردُّونه ولا يقبلونه، وقد حكى ذلك الحافظ أبو بكر محمد بن أبي عثمان الْحَازِمِيُّ (١) عَنْ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْمُعْتَزِلَةِ، وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، قال شيخ الإسلام (ابن حجر): «وَقَدْ فَهِمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مِنْ خِلاَلِ كَلاَمِ الحَاكِمِ فِي " عُلُومِ الْحَدِيثِ "، وفي " الْمَدْخَلِ " ... وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْمَيَانَجِيُّ (٢) فِي كِتَابِ " مَا لاَ يَسَعُ الْمُحَدِّثَ جَهْلُهُ ": «شَرْطُ الشَّيْخَيْنِ فِي " صَحِيحِهِمَا " أَنْ لاَ يُدْخِلاَ فِيهِ» (٣) إِلاَّ مَا صَحَّ عِنْدَهُمَا، وَذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فَأَكْثَرُ، وَأَنْ يَكُونَ (٤) عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةٍ». انْتَهَى.

قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ: «وَهُوَ كَلاَمُ مَنْ لَمْ يُمَارِسْ " الصَّحِيحَيْنِ " أَدْنَى مُمَارَسَةٍ، فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: لَيْسَ فِي الكِتَابَيْنِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمَا أَبْعَدَ».

وَقَالَ ابْنُ العَرَبِيِّ فِي " شَرْحِ المُوَطَّأِ ": «كَانَ مَذْهَبُ الشَّيْخَيْنِ (البُخَارِي وَمُسْلِمٌ) أَنَّ الحَدِيثَ لاَ يَثْبُتُ حَتَّى يَرْوِيهِ اثْنَانِ، قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ، بَلْ رِوَايَةُ الوَاحِدِ عَنِ الوَاحِدِ صَحِيحَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (٥).


(١) المُتَوَفَّى سَنَةَ (٥٨٤ هـ).
(٢) المُتَوَفَّى سَنَةَ (٥٨٠ هـ).
(٣) هكذا في " التدريب " والأصوب أَنْ يقول: «فِيهِمَا».
(٤) هكذا في " التدريب " والأصوب أنْ يقول: «وَكَانَ رُوَاتُهُ».
(٥) " تدريب الراوي ": ص ٢٧. وقد قال باشتراط رجلين عن رجلين في شرط القبول إبراهيم بن إسماعيل بن عُلَيَّةَ (وهو إسماعيل بن مقسم الأسدي، حافظ من الطبقة الثامنة نُسِبَ إِلَى أُمِّهِ وهو ثقة كما في " التقريب ") تُوُفِيَ سَنَةَ ١٩٣ هـ وهو من الفُقَهَاءِ المُحَدِّثِينَ، إلاَّ أنه مهجور القول عند الأئمة لميله إلى الاعتزال، وقد كان الشافعي يَرُدُّ عَلَيْهِ ويُحَذِّرُ مِنْهُ. انظر " تدريب الراوي ": ص ٢٨.