للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧ - وكان يفاضل بين ديات الأصابع حتى بلغه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمره بالمساواة بينها، فترك قوله وأخذ بالمساواة (١).

٨ - وقد اشتهر خبر تناوب عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وجاره في حضور حلقات الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفيه يقول عمر: « ... يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنْ الوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ... » (٢). وهذا إقرار من أمير المؤمنين - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بقبول خبر جاره، ولا فرق بين جاره وغيره ممن تقبل روايته.

وهكذا نرى من تلك الأخبار وغيرها أَنَّ عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لم يشترط لقبول الأخبار راويين، وما صدر منه مع أبي موسى - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بَيَّنَ سببه بنفسه كما سبق أنْ ذكرت ذلك، وكان من باب الاحتياط والتثبت، لا من باب عدم قبول الخبر إِلاَّ مِنْ رَاوِيَيْنِ.

ومثل هذا يقال في بقية الأخبار التي طلب فيها رَاوِيَيْنِ.

وأما ما ذكر عن موقف أبي بكر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وَتَثَبُّتِهِ فِي قبول الأخبار، فإنه لا يعدو باب الاستظهار والاستيثاق، ثم إنه لم يرو عنه أنه طلب رَاوِيًا آخر إلاَّ في تلك الحادثة التي ذكرها الإمام الذهبي، وقد رَدَّهَا ابن حزم (٣) وَأَعَلَّهَا بالانقطاع، فهي لا تصلح مِقْيَاسًا صَحِيحًا لشرط أبي بكر في قبول الأخبار، وهو


(١) " الإحكام " لابن حزم: ص ١٣ جـ ٢، وانظر " الرسالة ": ص ٤٢٢ فقرة ١١٦ إلاَّ أنَّ الشافعي يَنُصُّ على أنَّ الصحابة بعد وفاة عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وجدوا كتاب آل عمرو بن حزم وفيه أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الإِبِل»، فصاروا إليه. انظر الفقرة (١١٦٢) من الصفحة ٤٢٢.
(٢) " فتح الباري ": ١٩٥ جـ ١.
(٣) انظر " الإحكام " لابن حزم: ص ١٤١ جـ ٢.