للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكِيتَ، فَيَقُولُ لَهُ: " إِنْ كَانَ مَلِيًّا فَخُذْ مِنْهُ "» (١). وكان ابن عون يقول: «لاَ يُؤْخَذُ هَذَا العِلْمُ إِلاَّ مِمَّنْ شُهِدَ لَهُ بِالطَّلَبِ (٢)». ويسمع شُعْبَةُ بن الحجاج عبدَ اللهِ بن دينار يُحَدِّثُ في الولاء وهبته عن عبد الله بن عمر، فيستحلفه: هل سمعه من ابن عمر؟ فيحلف له (٣). وَيُحَدِّثُ الحَكَمُ عن سعيد بن المسيب في دية اليهودي والنصراني والمجوسي، فيقول له شعبة: «أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ سَعِيدٍ بْنِ المَسَيِّبِ؟» فَيَقُولَ: «لَوْ شِئْتَ سَمِعْتَ مِنْ ثَابِتَ الحَدَّادِ»، قَالَ شُعْبَةُ: «فَأَتَيْتُ ثابتًا الحَدَّادَ فَحَدَّثَنِي عَنْ سَعِيدٍ بْنِ المُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ» (٤). فلا يمكننا أن نحكم على شعبة أنه لم يكن يقبل رواية أحد إلا بعد تحليفه، أو الاستيثاق برواية آخر معه. بل كل هذا كان من باب التثبت والاستيثاق والتأكد مما يسمعون، حِرْصًا منهم على حفظ الحديث النبوي الشريف.

...


(١) " الجرح والتعديل ": ص ٢٧ جـ ١.
(٢) المرجع السابق: ص ٢٨ جـ ١.
(٣) تقدمة " الجرح والتعديل ": ص ١٧٠.
(٤) المرجع السابق: ص ١٧٠. ومن هذا الباب ما كان يتأكد منه رجال الحديث، فقد قال الليث بن سعد: «قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ يُرِيدُ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ مُرَابِطًا، فَنَزَلَ عَلَىَ جَعْفَرَ بْنَ رَبِيعَةَ، قَالَ: فَعَرَضُوا لَهُ بِالحُمْلاَنِ، وَعَرَضُوا لَهُ بِالمَعُونَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَاجْتَمَعَ هُوَ وَأَصْحَابُنَا يَزِيدُ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ وَغَيْرَهُ فَأَقْبَلَ يُحَدِّثُهُمْ: حَدَّثَنِي نَافِعُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: فَجَمَعُوا تِلْكَ الأَحَادِيْثِ وَكَتَبُوا بِهَا إِلَى ابْنِ نَافِعٍ، وَقَالُوا لَهُ: " إِنَّ رَجُلاً قَدِمَ عَلَيْنَا وَخَرَجَ إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ مُرَابِطًا وَحَدَّثَنَا، فَأَجَبْنَا أَلاَّ يَكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ فِيهَا أَحَدٌ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ، " وَاللهِ مَا حَدَّثَ أَبِي مِنْ هَذَا بِحَرْفٍ قَطُّ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ وَاحْذَرُوا قُصَّاصَنَا وَمَنْ يَأْتِيَكُمُ "» انظر مقدمة " التمهيد ": ص ١٤: ب.