للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الصحابة الحديث باللفظ وبعضهم بالمعنى نرى التابعين أَيْضًا قد نهجوا نهج الصحابة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ -، ولكن مما لا شك فيه أن جميع الصحابة حرصوا على أداء الحديث كما سمعوه من الرسول - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، حتى إن بعضهم ما كان يرضى أن يبدل حرفًا بحرف، أو كلمة مكان كلمة، أو يقدم كلمة على أخرى وردت في الحديث قبلها، وقد رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَنْ سَمِعَ حَدِيثًا فَحَدَّثَ بِهِ كَمَا سَمِعَ، فَقَدَ سَلِمَ (١)» وَرُوِيَ نَحْوَهُ عَنْ عَبْدِ اَللهِ بْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمْ.

وَقَدْ اِشْتَهَرَ مِنْ بَيْنِ اَلصَّحَابَةِ الذِينَ كَانُوا يَتَشَدَّدُونَ فِي الحِرْصِ عَلَى لَفْظِ اَلرَّسُولِ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , عَبْد اَللهِ بْنِ عُمَرَ. روى مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ قال: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا سَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، أَوْ شَهِدَ مَعَهُ مَشْهَدًا، لَمْ يُقَصِّرْ دُونَهُ أَوْ يَعْدُوهُ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُصُّ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، إِذْ قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: " مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ، إِنْ أَقْبَلَتْ إِلَى هَذِهِ الْغَنَمِ نَطَحَتْهَا، وَإِنْ أَقْبَلَتْ إِلَى هَذِهِ نَطَحَتْهَا "، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: " لَيْسَ هَكَذَا "، فَغَضِبَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُ اللهِ بْنُ صَفْوَانَ، فَقَالَ: " يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَيْفَ قَالَ رَحِمَكَ اللهُ؟ " فَقَالَ: قَالَ: " مَثَلُ الْمُنَافِقِ مَثَلُ الشَّاةِ بَيْنَ الرَّبِيضَيْنِ، إِنْ أَقْبَلَتْ إِلَى ذَا الرَّبِيضِ نَطَحَتْهَا، وَإِنْ أَقْبَلَتْ إِلَى ذَا الرَّبِيضِ نَطَحَتْهَا "، فَقَالَ لَهُ: " رَحِمَكَ اللهُ هُمَا وَاحِدٌ "، قَالَ: " كَذَا سَمِعْتُ " (٢).

وروى ابن عمر حديث «بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ»، فأعاده رجل فقال له ابْنُ


(١) " المحدث الفاصل ": ص ١٢٧: ب و" الكفاية ": ص ١٢٢.
(٢) " مسند الإمام أحمد ": ص ٢٩٧ حديث ٥٥٤٦ جـ ٧. وانظر حديث ٥٣٥٩ ونحوه في ص ٢٠ حديث ٥٦١٠ جـ ٨.