للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" إِنَّا نَسْمَعُ الحَدِيثَ، فَلاَ نَجِيءُ بِهِ عَلَى مَا سَمِعْنَاهُ قَالَ: «لَوْ كُنَّا لاَ نُحَدِّثُكُمْ إِلاَّ كَمَا سَمِعْنَاهُ مَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثَيْنِ وَلَكِنْ إِذَا جَاءَ حَلاَلُهُ وَحَرَامُهُ فَلاَ بَأْسَ» (١).

ورويت إجازة التحديث بالمعنى عن عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء وأنس بن مالك، وعائشة أم المؤمنين، وعمرو بن دينار، وعامر الشعبي وإبراهيم النخعي، وابن أبي نجيح، وعمرو بن مرة، وجعفر بن محمد بن علي، وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان (٢).

وقد أدرك ابن عون ثلاثة مِمَّنْ يُرَخِّصُونَ في روايةالحديث على المعنى هم: الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وعامر الشعبي (٣).

ونرى هؤلاء الذين رَوَوْا بعض الحديث على المعنى بقولهم بعد التحديث، «أَوْ كَمَا قَالَ»، «أََوْ نَحْوِ هَذَا»، ومنهم من كان لا يبيح لمن يسمع أن يكتب عنه الحديث حتى لا يظن أن ما رواه لَفْظَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان عمرو بن دينار يحدث على المعنى ويقول: «أُحَرِّجُ عَلَى مَنْ يَكْتُبُ عَنِّي» (٤).

وَلاَ بُدَّ من أن نقرر أن من أباح رواية الحديث على المعنى أباحها بشروط، ولم يطلق هذا لأي إنسان، وأجازوا ذلك للضرورة، كأن يند اللفظ عن الذاكرة، أو يغيب لفظ الحديث عن المحدث عند الحاجة إلى روايته فيرويه بالمعنى، والضرورة تقدر بقدرها. قال الإمام الشافعي في صفات الراوي: «أنْ يَكُونَ مَنْ حَدَّثَ بِهِ ثِقَةً فِي دِينِهِ، مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ فِي حَدِيثِهِ، عَاقِلاً لِمَا يُحَدِّثُ


(١) " الجامع لأخلاق الراوي ": ص ١٠٦: آ.
(٢) انظر المرجع السابق: ص ١٠٦.
(٣) " المحدث الفاصل ": ص ١٢٦: ب. و " جامع بيان العلم ": ص ٨٠ جـ ١، " الكفاية ": ص ٢٠٥.
(٤) " تذكرة الحفاظ ": ص ١٠٧ جـ ١.