للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنهوا عن روايتها وطلبوا التثبت في الرواية كما سبق أن ذكرنا، وحثوا على رواية الأحاديث المعروفة ونشرها بين طلاب العلم وخاصة الجدد منهم. وفي هذا يُرْوَى عن أمير المؤمنين عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ: «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ!! أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» (١). قال الإمام الذهبي: «فَقَدْ زَجَرَ الإِمَامُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنْ رِوَايَةِ المُنْكَرِ، وَحَثَّ عَلَى التَّحْدِيثِ بِالمَشْهُورِ، وَأَصْلُ هَذَا كَبِيرٌ فِي الكَفِّ عَنْ بَثِّ الأَشْيَاءِ الوَاهِيَةِ، وَالمُنكِرةِ مِنَ الأَحَادِيثِ فِي الفَضَائِلِ وَالعَقَائِدِ، وَالرَّقَائِقِ، وَلاَ سَبِيِلَ إِلَى مَعْرِفَةِ هَذَا مِنْ هَذَا إِلاَّ بِالإِمْعَانِ فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ» (٢).

وأما الأحاديث المنكرة والشاذة وطرقها، والأحاديث الموضوعة، فقد كان يحفظها الشيوخ حتى إذا ذكر لهم حديث منها بَيَّنُوهُ، وكانوا يَرْوُونَ منها لطلابهم بعد بيان عِلَلِهَا، وبعد أن يقطع الطلاب مرحلة جيدة في دراساتهم. وسنبين هذا عندما نتكلم عن الحديث الموضوع.

٥ - التَّنْوِيعُ وَالتَّغْيِيرُ دَفْعًا لِلْمَلَلِ:


عرف الصحابة والتابعون ما يجدد نشاط طلابهم، فعملوا به، وأفادوا منه لتحقق الغاية من دروسهم وحلقاتهم، فكانوا بتناولون دراسة الأحاديث المختلفة حِينًا، ويتكلمون في الرجال أحيانًا، وينتقلون إلى سيرة الرَّسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تارة، ويذكرون أسباب ورود الحديث ومناسبته تارة أخرى.