للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه كثيرًا من حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وجمعه في صحيفة أو صحف أطلق عليها اسم (الصحيفة الصحيحة) (١)، وربما سماها بالصحيحة على مثال (الصحيفة الصادقة) لعبد الله بن عمرو بن العاص - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، وحق له أن يسميها بالصحيحة، لأنه كتبها عن صحابي خالط رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربع سنين، وروى عنه الكثير.

وقد وصلتنا هذه الصحيفة كاملة، كما رواها وَدَوَّنَهَا همام عن أبي هريرة، فقد عَثَرَ على هذه الصحيفة الدكتور المحقق محمد حميد الله في مخطوطتين متماثلتين في دمشق وبرلين (٢).

وتزداد ثقتنا بصحيفة هَمَّامٍ حينما نعلم أن الإمام أحمد قد نقلها بتمامها في " مسنده "، كما نقل الإمام البخاري عَدَدًا كَثِيرًا من أحاديثها في " صحيحه " في أبواب شتى (٣).

ولهذه الصحيفة أهمية تاريخية في تدوين الحديث الشريف، لأنها حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ، ودليل ساطع على أن الحديث النبوي كان قَدْ دُوِّنَ في عصر مبكر، «وَتُصَحِّحُ


= ابن سعد ": ص ٣٩٦ جـ ٥ لأنها أقدم المصادر، ثم قال في هامش الصفحة ٢٢: من كتابه " علوم الحديث ومصطلحه ": «وَعِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ وَالنَّوَوِيِّ وَسِوَاهُمَا: تُوُفِّيَ هَمَّامٌ سَنَةَ ١٣١ هـ، وَلَعَلَّهُ تَصْحِيفٌ لِقَوْلِ ابْنِ سَعْدٍ (مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى أَوْ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ) وَانْظُرْ التَّصْحِيحَاتِ المُلْحَقَةِ بِصَحِيفَةِ هَمَّامٍ ص ٢».
إلا أني أرجح وفاته سَنَةَ (١٣١ هـ) لأن سفيان بن عيينة قال: «كُنْتُ أَتَوَقَّعُ قُدُومَ هَمَّامٍ عَشْرَ سِنِينَ»، وسفيان بن عيينة ولد سَنَةَ (١٠٧ هـ)، فلا يعقل أن يقول هذا بعد وفاة همام بسنوات، ثم إن مَعْمَرًا كان قد أدركه وقد كبر وسقط حاجباه على عينيه، فهذا الوصف ينطبق على من سِنُّهُ أكثر من ستين سَنَةٍ وهي السن التي ذكرتها أو قالها ابن سعد. انظر " تهذيب التهذيب ": ص ٦٧ جـ ١١. حيث ذكر إدراك معمر بن راشد لهمام.

(١) " أقدم تدوين في الحديث النبوي صحيفة همام بن منبه ": ص ٢٠ عن " كشف الظنون ".
(٢) راجع " صحيفة همام ": ص ٢١ - ٢٣ حيث وصف الدكتور حميد الله المخطوطتين.
(٣) انظر المرجع السابق: ص ٢.