للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العباس ... ولا يقاس بالذهبي غيره في الخبرة بالتورايخ في أمثال هذه الأمور، فلم يذكر ما ذكره السيوطي، بل كل من كتب في الأوائل من علماء السُنَّةِ لم يذكره، اللهم إلا أن يقال باستبعاد عدم الأخذ بقول مثل عمر بن عبد العزيز، فلعله جمع بعده فلا يكون الحكم بجمعه في رأس المائة من القول السديد المحقق، عصمنا الله تعالى من التسرع في القول» (١).

أقول: إن ما ذكره السيوطي ليس وَهْمًا بل حقيقة علمية، كما تبين لنا من البحث.

وأما قصر مدة خلافة عمر بن عبد العزيز، وعدم تأريخ زمن أمره فإنه لا ينافي استجابة العلماء لأمر الخليفة. وأما أنه لم ينقل هذا ناقل فهذا حكم يناقض الدليل، فقد كثر الناقلون، ونص ابن عبد البر على «أن ابن شهاب امتثل لأمر الخليفة وكتب الحديث في دفاتر، وبعث الخليفة إلى كل أرض له عليها سلطان دفترًا» (٢)، ولم يكن ما ذكره ابن حجر من باب الحدس والتخمين، ثم إن ما ذكره علماء الحديث من أن إفراد تدوين حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان على رأس المائتين - لا ينافي قط تدوينه استجابة لأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز، ونحن لا نشك في أن بعض المدونات الأولى في عصر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي عصر الصحابة كانت خالية من فتاوى الصحابة، وأقوى دليل على هذا " الصحيفة الصادقة "، و " الصحيفة الصحيحة "، وإن كان بعض المصنفين قد كتب عمل الصحابة، وفتاواهم إلى جانب الحديث، فهذا لا ينافي كونهم دَوَّنُوا الحديث على رأس المائة الأولى وقبلها.


(١) " تأسيس علوم الشيعة ": ص ٢٧٨، ٢٧٩.
(٢) انظر " جامع بيان العلم وفضله ": ص ٧٦ جـ ١.