للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما ذكر السيد حسن الصدر، كان لأبي رافع شرف الأولوية في التأليف لا في التدوين، وصحة هذا لا تحملنا على أن ننفي ما ثبت تاريخيًا من أخبر التدوين في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز.

[- ب -] ما دمنا في موضوع الشيعة والتدوين، فلا بد أن نتناول بالبحث أصلاً من أصول الزيدية، يعود تدوينه إلى مطلع القرن الثاني، وهذا الأصل هو " مجموع الإمام زيد " ونتناول هذا الكتاب في ثلاث نقاط، وهي التعريف بصاحب " المجموع "، والتعريف براويه، ثم " المجموع " ذاته.

١ - الإمام زيد: هو زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ جَمِيعًا -. ولد الإمام زيد [حَوَالَيْ] سَنَةَ (٨٠ هـ)، ونشأ في أسرة معروفة بالعلم والجهاد، فقد تلقى العلم على أبيه ثم أخذ عن أخيه محمد الباقر الذي شهد له العلماء بالمنزلة العلمية الرفيعة، كما سمع من كبار التابعين في المدينة وكان يتنقل بين الحجاز والعراق، ونضج الإمام زيد حتى شهد أهل العلم بفضله وعلمه، سئل جعفر الصادق عن عمه زيد، فقال: «كان والله أقرأنا لكتاب الله، وأفقهنا في دين الله، وأوصلنا للرحم، والله ما تُرِكَ فينا لدنيا ولا لآخرة مثله». وقال الشعبي: «ما ولدت النساء أفضل من زيد بن علي ولا أفقه ولا أشجع ولا أزهد»، وسئل الباقر عن أخيه زيد، فقال: «إن زيدًا أعطى من العلم بسطة» (١).

ولزيد مع هشام بن عبد الملك وولاته أخبار كثيرة تذكر إخراجهم له واضطراره إلى الخروج على الخليفة، ومن هذا ما ذكره ابن العماد الحنبلي أنه دخل يومًا على هشام بن عبد الملك، فقال له: «أنت الذي تنازعك نفسك في الخلافة


(١) انظر مقدمة " مسند زيد " وترجمته: ص ٣ وما بعدها.