الحديث من أن ابتداء تدوين الحديث وقع في رأس المائة الأولى ليس من باب الحدس والتسرع بالقول. ويحمل قولهم هذا على التدوين الرسمي الذي تبنته الدولة، أما التدوين الشخصي والفردي فكان منذ عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
بعد ما ذكره السيد حسن الصدر قال:«إذا عرفت هذا فاعلم أن الشيعة أول من تقدم في جمع الآثار والأخبار، في عصر خلفاء النبي المختار - عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، اقتدوا بإمامهم أمير المؤمنين - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -». ثم ذكر كتابًا لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كان عظيمًا مدرجًا، وذكر صحيفته المعلقة بسيفه، ثم ذكر كتابًا لأبي رافع مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سماه " كتاب السنن والأحكام والقضايا " , وقد توفي أبو رافع في أول خلافة عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قال السيد حسن الصدر:«وأول خلافة على أمير المؤمنين سَنَةَ خمس وثلاثين من الهجرة، فلا أقدم من أبي رافع في التأليف بالضرورة»(١).
أقول: إذا صح هذا الخبر فإن أبا رافع يكون ممن دَوَّنَ في عصر الصحابة، وقد سبقه عبد الله بن عمرو الذي كتب في عهده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وإذا صح هذا الخبر وكان كتابه مرتبًا على الأبواب:(الصلاة والصيام والحج والزكاة والقضايا).
(١) " تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ": ص ٢٧٩، ٢٨٠. وقد نقل عن الشيخ أبي العباس النجاشي ما ذكره عن أبي رافع، ثم قال السيد حسن الصدر: «وأول من صنف في الآثار مولانا أبو عبد الله سلمان الفارسي (ر) ... وأول من صنف الحديث والآثار بعد المؤسسين أبو ذر الغفاري صاحب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وله كتاب الخطبة يشرح فيها الأمور بعد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي في " الفهرست ". ثم يذكر كتابًا لعبيد الله بن أبي رافع في قضايا أمير المؤمنين وكتاب " تسمية من شهد مع أمير المؤمنين الجمل وصفين والنهروان من الصحابة "، ثم ذكر بعض أخبار كتب لأشخاص طعن فيهم أهل السنة كالحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، أو أخبار كتب لم تثبت عند أهل السنة، انظر " تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ": ص ٢٨٢ وما بعدها.