للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حين لم يجاوز الزهري آنذاك أربعة عشر عامًا، فهل يعقل أن تنشأ صداقة بين رجل في الثامنة والثلاثين من عمره مع غلام في الرابعة عشرة؟ فاتفق العقل والنقل على عدم صحة قيام صداقة بين عبد الملك وابن شهاب قبل قدومه إلى دمشق.

ثم إن حديث «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ ... » روي من طرق مختلفة كثيرة غير طريق الزهري، فلم ينفرد به ابن شهاب، وَرَوَتْهُ كُتُبُ السُنَّةِ كلها.

فقد أخرجه الإمام البخاري من غير طريق الزهري عن أبي الوليد عن شعبة بن الحجاج عن عبد الملك عن قزعة مولى زياد عن أبي سعيد الخدري (١).

وأخرجه مسلم من ثلاث طرق، إحداها من طريق الزهري، والثانية عن قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة جَمِيعًا عن جرير عن عبد الملك بن عمير، عن قزعة، عن أبي سعيد الخدري (٢)، والثالثة عن هارون بن سعيد الأيلي عن ابن وهب عن عبد الحميد بن جعفر عن عمران بن أبي أنس، عن سلمان الأغر، عن أبي هريرة (٣).

وأخرجه الإمام أحمد والإمام مالك، والترمذي وأبو داود والدارمي والنسائي وابن ماجه (٤).

فالزهري لم ينفرد بهذا الحديث، كما زعم جولدتسيهر، ولم يضعه إرضاء


(١) " صحيح البخاري بحاشية السندي ": ص ٢٠٧ و ٣٤١ جـ ١.
(٢) " صحيح مسلم ": ص ٩٧٥، ٩٧٦ حديث ٤١٥ جـ ٢.
(٣) المرجع السابق: ص ١٠١٥ حديث ٥١٣ جـ ٢.
(٤) انظر " مفتاح كنوز السنة ": مادة (المدينة) ص ٤٦١.