ظهرت هذه المصنفات في أوقات متقاربة في مختلف مراكز الإشعاع العلمي بالدولة الإسلامية، وعرفنا المصنفين الأوائل في الحديث.
وفي الفصل الثاني من الباب الرابع عرفنا حركة التدوين بذكر أشهر الصحف التي دونت في عهده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعهد الصحابة والتابعين، وعرضها عرضًا تاريخيًا دقيقًا، وكان من أبرز ما عرضناه " الصحيفة الصادقة " لعبد الله بن عمرو بن العاص، وهي من أقدم ما دُوِّنَ بين يدي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعرفنا منزلتها وقيمتها، و" الصحيفة الصحيحة " لهمام بن منبه، وهي من أقدم ما دُوِّنَ في عهد الصحابة في النصف الأول من القرن الهجري الأول، وعرفنا منزلتها وقيمتها، وأكدنا وصولها منفردة إلينا بإسناد صحيح، إلى جانب ذكرها جميعها أو بعضها في " مسند الإمام أحمد "، وفي كتب السنن والمسانيد الأخرى.
واطلعنا على مراحل التدوين وجمع الحديث واختيار الصحيح منه، حتى وصلنا في المدونات المشهورة.
وقد تجلى لنا من البحث كثرة الكتب والمدونات في أول القرن الهجري الثاني.
وعرضنا في الفصل الثالث من هذا الباب أَيْضًا بعض آراء في التدوين، ولم نوافق الشيخ محمد رشيد رضا على رأيه: أن أول من كتب الحديث من التابعين في القرن الأول وجعل ما كتبه مصنفًا مجموعًا هو خالد بن معدان الحمصي، وأثبتنا أن هناك من سبقه في حفظ مدوناته أمثال عبد الله بن عمرو بن العاص، وهمام بن منبه، وانتهينا إلى أن صحف خالد من أوائل الصحف التي ضمت علمه في ذلك القرن.