وعرضنا رأي السيد حسن الصدر، الذي لا يوافق رأي جمهور المحدثين في تدوين الحديث في عهد عمر بن عبد العزيز، وينكر ما يثبت هذا، ليؤكد سبق الشيعة وتقدمهم في جمع الأخبار، وفندناه ورددنا عليه بالحجج والبراهين، وأكدنا صحة ما ذهب إليه جمهور المحدثين، وَبَيَّنَّا عدم تعارضه مع تدوين الإمام علي وأصحابه، وانتهينا إلى سبق أبي رافع مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالتأليف والتصنيف إذا صح خبر تصنيفه كتابًا في الحديث. وأكدنا أن صحة هذا الخبر لا تحملنا على أن ننفي ما ثبت تاريخيًا من أخبار التدوين في عهد عمر بن عبد العزيز.
ثم عرضتُ رأيي في التدوين الرسمي، وهو ما تبين لي أثناء البحث حول محاولة أمير مصر عبد العزيز بن مروان تدوين الحديث، بتكليف التابعي الجليل كثير بن مرة الحضرمي أن يكتب إليه ما سمع من حديث من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وانتهيتُ إلى أنه إذا ثبتت استجابة كثير بن مرة لطلب أمير مصر فقد ثبت أن بعض الحديث دُوِّنَ رسميًا قبل التدوين الرسمي المشهور بربع قرن، وأن اهتمام أمير مصر بحديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتدوينه يزيدنا ثقة بأن التدوين قد سار جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ مع الحفظ.
ثم عرضت آراء المستشرقين في تدوين الحديث، وناقشتها، وعرفنا أن أبحاثهم لم تسلم من الخطأ، وأن جولدتسيهر لم يصب في استنباطه من الأخبار الواردة في كراهة الكتابة وإباحتها، وتصوره قيام حزبين متخاصمين أهل رأي