للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنّ رسول الإسلام كان ينظر في داخله، ورسول بني إسرائيل كان ينظر إلى خارجه.

إنّ عيسى عليه السلام في ذهابه إلى جبل الزيتون ليلقي عظته يشابه محمدا صلّى الله عليه وسلم وقد ارتقى جبل الصفا لينادي معاشر قريش. والذي قاتل مشركي بلاد العرب في بدر، وحنين، ويوم الأحزاب، وتبوك يشبه موسى الذي قاتل المؤابيين، والعموريين، والآموريين.

وإنّ الرسول محمدا صلّى الله عليه وسلم دعا على سبعة رجال من أعيان مكة فهلكوا، وموسى دعا على فرعون ومن التف حوله حين رأوا بأعينهم آية بينة من الله مرّة بعد أخرى، لكنّهم لجّوا في عتوّ ونفور؛ ولم يؤمنوا به، فهلكوا مغرقين في البحر الأحمر، فتشابهت سنة الرسول محمد وسنة الرّسول موسى عليهما الصّلاة والسلام.

إنّ محمدا نبيّ الله دعا بالخير لمن أراد قتله من المشركين يوم أحد، وإنّ عيسى عليه السلام لم يدع على أحد وما زال يبغي الخير لأعدائه، أليس هدي محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم يشابه من هذه الناحية هدي عيسى رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟

وإنّ محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين تراه في فناء المسجد يقضي بين الناس بالحقّ ويحكم بالعدل، أو في ساحات الحرب يقاتل الكفار والمشركين، فكأنك ترى موسى رسول الله وهو يجاهد أعداءه، ويقاتل الذين يعبدون الأوثان.

وحين ترى محمدا رسول الله يعبد ربّه، ويتضرّع إليه في خلوة عن الناس، إمّا في حجرة منفردة، أو في مغارة الجبل، وقد أرخى الليل سدوله، فكأنك ترى عيسى وقد خلا بنفسه يوحّد الله، ويناجيه بالعبودية له.

ولو رأيت نبي الإسلام وهو يذكر الله دائما، ويحمده، ويسبّحه في البكور والآصال وفي كلّ حال- فإذا بدأ بالأكل بدأه باسم الله، وإذا فرغ منه حمد الله، وإذا جلس مع أحد كان التذكير بالله من عمله في ذلك المجلس، وإذا نام نام وهو يذكر ربه، ويستعرض آلاءه عليه- فكأنك برؤية نبيّ الإسلام قد رأيت النبيّ صاحب الزبور في ترتيله محامد الله ونعمه. وكأنك ترى سليمان في جنوده وعليه جلال الملك، وأبهة السلطان حينما ترى

<<  <   >  >>