المختلفة تحتاج إلى أمثلة كثيرة ومتنوعة تتخذها منهاجا لحياتها الاجتماعية.
وكذلك الأفراد في المجتمع البشريّ هم في حاجة إلى مثل عليا يقتدون بها في مناحي حياتهم البيتية؛ لتتوثق الروابط بين الأفراد، وتحسن العلاقات بين شتّى الطوائف في داخل الأسرة وخارجها. لذلك ينبغي أن تكون تلك المثل كلّها واضحة في حياة الإنسان العظيم الذي يتّخذ مثالا في الحياة. وإذا صحّت هذه النظرة- وهي صحيحة- لم نجد في سالف الأيام قدوة واضح الحياة غير محمّد خاتم النبيين عليه وعليهم السّلام. والدّين هو طاعة المخلوق للخالق، وبالدّين يتعلّم المرء ما فرضه الخالق على خلقه من فرائض، وما أوجبه من واجبات، فيؤمن بها، ويحقّقها بالعمل. وإذا أردنا أن نعبّر عن الدّين بعبارة أخرى قلنا: هو القيام بحقوق الله، وحقوق خلقه، إذا فيجب على كلّ متّبع لدين أن يتعرّف هذه الحقوق، والفرائض، والواجبات من سيرة نبيه، والأحوال التي كان عليها صاحب ملّته، ثم يقتدي بها، ويفرغ حياته في قالبها. وإذا نظرنا إلى سير الأنبياء هذه النظرة، وحاولنا معرفة حقوق الله، وحقوق خلقه كاملة تامّة من سيرتهم؛ لم نجد ذلك إلا في سيرة محمّد صلّى الله عليه وسلم المبعوث إلى الناس كافّة.
والدّيانات إذا تأملناها يبدو لنا أنها على نوعين: نوع لا نجد فيه ذكر الله تعالى البتة، ومن هذا النوع دين «بوذا» ودين الصين، فليس فيهما ذكر الله تعالى، ولا لصفاته، وليس فيهما فرائض وواجبات على الإنسان، ومن باب أولى ليس فيهما ذكر للحبّ في الله، وتوحيده، والإخلاص له، فالذي يبحث فيهما عن هذه الأمور لا يخرج من بحثه بشيء.
ونوع آخر ورد فيه ذكر الله عزّ وجل، وسلّموا فيه بوجوده على وجه ما، وآمنوا به إيمانا بالجملة، لكنّك لا ترى في سير أنبيائه، أو في تعاليم دعاته ما يعرف منه الإنسان كيف يعتقد بربه، وكيف يؤمن به، وبأيّ الأوصاف يصفه، وكيف كان هؤلاء يعتقدون بالله، وإلى أيّ حدّ تأثّروا بتلك العقائد في أعمالهم وأخلاقهم، وفي أيّ صورة من صور الأعمال تجلّت عقائدهم، وبرزت للوجود. كلّ هذا لا نرى له أثرا في سير هؤلاء. اقرأ التوراة، واستقص النظر في فصولها، وفقراتها، وتدبّر ذلك ما استطعت فإنك لن