للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا وجد شيئًا بخطه أو بخط أبيه جاز أن يحلف ولو أنه لا يعلمه أو لا يذكره، وكذلك إذا باع شيئًا لم يعلم فيه عيبًا فادعى عليه المشترى أنه معيب وأراد رده كان له أن يحلف أنه باعه بريئًا من العيب، ولكن الحالف على كل حال لا يحلف إلا بعد الإثبات وغلبه ظن يقارب اليقين (١) .

٤٥٢- وليس ثمة ما يمنع من أن تكون الأيمان سبيلاً لإشاطة الدماء - أى إهدارها - ما دامت الأيمان تؤدى إلى إثبات الجريمة على الجانى لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع إليكم برمته" وفى رواية مسلم: "يسلم إليكم" وفى لفظ: "وتستحقون دم صاحبكم" وأراد دم القاتل لأن دم القتيل ثابت لهم قبل اليمين. وإذا كانت القسامة طريق الإثبات العمد فقد وجب بها القصاص وهو عقوبة العامد كالبينة سواء بسواء، وقد روى الأثرم بإسناده عن عامر الأحوال أن النبى - صلى الله عليه وسلم - أقاد بالقسامة فى الطائف، وهذا نص ولأن الشارع جعل القول قول المدعى مع يمينه احتياطًا للدم فإن لم يجب القود سقط هذا المعنى (٢) . على أن أغلب القائلين بالقسامة لا يرون أن القسامة تؤدى للقصاص بل يرون أنها توجب الدية فقط، فالقسامة على رأى هؤلاء لا تؤدى لإشاطة الدماء.

٤٥٣- وأما أن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر فإن بعض القائلين بالقسامة لا يخرجون على هذا الأصل كالحنفيين، فإنهم يرون اليمين دائمًا فى جانب المنكر حتى فى القسامة فيحلفون المدعى عليه، وأما القائلين بتحليف المدعى فالقاعدة عندهم أن اليمين تشرع من جهة أقوى المتداعين، فأى الخصمين ترجح جانبه جعلت اليمين من جهته، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه عرض القسامة أولاً على المدعين فلما أبوا جعلها فى جانب المدعى عليهم، وقد جعلت فى جانب المدعين لأن جانبهم ترجح باللوث (٣) ، واليمين تكون


(١) الشرح الكبير ج١٠ ص٥.
(٢) الشرح الكبير ج١٠ ص٣٩ , ٤٠.
(٣) أعلام الموقعين ج١ ص١١٨ , الشرح الكبير ج١٠ ص٢٨ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>