للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى جانب المدعى عليه إذا لم يترجح المدعى بشئ غير الدعوى، فيكون جانب المدعى عليه أولى باليمين لقوله بأصل براءة الذمة فكان هو أقوى المتداعين باستصحاب الأصل فكانت اليمين من جهته، فإذا ترجح المدعى بلوث أو بنكول أو شاهد كان أولى باليمين لقوة جانبه بذلك، فاليمين مشروعة فى جانب أقوى المتداعين فأيهما قوى جانبه شرعت اليمين فى حقه (١) .

وفضلاً عما سبق فإن حديث البينة على من ادعى واليمين على من أنكر روى عن ابن عبد البر بإسناده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بالصيغة الآتية: "البينة على المدعى واليمين على من أنكر إلا فى القسامة" فاستثنى الحديث القسامة وهذا الاستثناء زيادة فى الحديث يتعين العمل بها لأن الزيادة من الثقة مقبولة (٢) .

٤٥٤- لماذا شرعت القسامة؟: الأصل فى القسامة أنها شرعت لحفظ الدماء وصيانتها، فالشريعة الإسلامية تحرص أشد الحرص على حفظ الدماء وصيانتها وعدم إهدارها، ولما كان القتل يكثر بينما تقل الشهادة عليه لأن القاتل يتحرى بالقتل مواضع الخلوات جعلت القسامة حتى لا يفلت المجرمون من العقاب وحتى تحفظ الدماء وتصان (٣) .

ولقد كان من حرص الشريعة على حياطة الدماء ما دعا أحمد إلى القول بأن من مات من زحام الجمعة أو فى الطواف فديته فى بيت المال وبمثل هذا قال إسحاق، وقال به عمر وعلي؛ فإن سعيدًا يروى عن إبراهيم أن رجلاً قتل فى زحام الناس بعرفة، فجاء أهله إلى عمر فقال: بينتكم على من قتله، فقال على: يا أمير المؤمنين لا يُطَلُّ دم امرئ مسلم، إن علمتَ قاتله وإلا فأعطه ديته من بيت المال. وقال الحسن والزهرى فيمن مات من الزحام: ديته على من حضر لأن قتله حصل منهم (٤) .


(١) الطرق الحكيمة ص٧٤.
(٢) الشرح الكبير ج١٠ ص٣١.
(٣) بداية المجتهد ج٢ ص٣٥٨.
(٤) المغنى ج١٠ ص٩ , ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>