للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقذوف فمن قال لآخر: يا زانى، فقال له الآخر: لا بل أنت، فإنهما يحدان ولا يسقط الحد بتبادل القذف ولا بتكافؤ السيئات (١) .

ولكن القاذف يعفى من الحد إذا صدقه المقذوف، فمن قال لأجنبية عنه: أنت زانية، فقالت: بك زنيت، فلا حد عليه وعليها حدان، حد الزنا لاعترافها به وحد القذف لقذفها الرجل بالزنا. أما إذا صدر هذا القول من الرجل لزوجته فلا حد على أحدهما: لا حد على الرجل لأنها صدقته، ولا حد عليها لأنه يجوز أن تكون زانية حقيقية ولأنه يجوز أن تكون قصدت نفى الزنا، كما يقول الرجل لغيره سرقت، فيقول معك سرقت ويريد أنى لم أسرق كما لم تسرق، ولأنه يجوز أن يكون معناه: ما وطئنى غيرك، فإن كان ذلك زنًا فقد زنيت، فهذه الاحتمالات معناها الشبهة فى مؤدى قولها ولا حد مع شبهة (٢) .

وإذا استعمل القاذف أفعل التفضيل فى القذف فقال مثلا: أنت أزنى من فلان أو أزنى الناس، فعليه الحد عن مالك وأحمد (٣) .

أما فى مذهب أبى حنيفة فيرى البعض الحد ولا يراه البعض الآخر، وحجتهم أن أفعل يستعمل فىالترجيح للعلم فكأنه قال: أنت أعلم منى بالزنا، وحجة الفريق الأول أن استعمال أفعل التفضيل قذف لأن معناه أن فلانًا زان وأنت أزنى منه وأنه فى الناس زناة وأنت أزنى منهم (٤) .

ويرى الشافعى أنه إذا قال لغيره: أنت أزنى من فلان أو أنت أزنى الناس، لم يكن قذفًا من غير نية؛ لأن لفظة أفعل لا تستعمل إلا فى أمر يشتركان فيه ثم ينفرد أحدهما فيه بمزية، وما ثبت أن فلانًا زان ولا أن الناس زناة فيكون هو أزنى منهم، وإن قال:


(١) شرح فتح القدير ج٤ ص ٢٠١، نهاية المحتاج ج٧ ص ٤١٧.
(٢) شرح فتح القدير ج٤ ص ٢٠٢، المهذب ج٢ ص ٢٩٠، شرح الزرقانى ج٨ ص ٩١، المغنى ج١٠.
(٣) شرح الزرقانى ج٨ ص ٩١، المغنى ج١٠ص ٢١٦
(٤) شرح فتح القدير ج٤ ص ١٩١، ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>