للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلان زان وأنت أزنى منه أو أنت أزنى زناة الناس، فهو قذف لأنه أثبت زنا غيره ثم جعله أزنى منه (١) .

وإذا قال القاذف لشخص: أنت أزنى من فلان، فهو قاذف لهذا الشخص، ولكن هل يكون قاذفًا لفلان أيضًا؟ فيه وجهان: أولهما: يكون قاذفًا للمخاطب خاصة لأن لفظة أفعل للتفضيل فيقتضى اشتراك الاثنين فى اصل الفعل وتفضيل أحدهما على الآخر فيه، ثانيهما: قاذفًا للمخاطب خاصة لأن لفظة أفعل قد تستعمل للمنفرد بالفعل كقول الله تعالى: {أَفَمَن يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّى إِلاَّ أَن يُهْدَى} [يونس: ٣٥] ، وقال تعالى: {فَأَىُّ الْفَرِيقَيْن أَحَقُّ بِالأَمْنِ} [الأنعام: ٨١] .

وقوله على لسان لوط: {هَؤُلاءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: ٧٨] أى من أدبار الرجال ولا طهارة فى أدبار الرجل.

ويلاحظ أن الشافعى يشترط لاعتبار القول قذفًا أن يريد القائل القذف، وأن بعض الفقهاء فى مذهب أبى حنيفة لا يعتبرون ذلك قذفًا كما ذكرنا فى الفقرة السابقة (٢) .

وإذا استعمل القاذف فى القذف ألفاظًا مشتركة تفيد الزنا وتفيد غيره كقوله: زنأت فى الجبل؛ بالهمزة، فيرى بعض أن العبرة بما يفهمه عامة الناس من العبارة وأنه قذف لأن عامة الناس لا يفهمون من العبارة إلا أنها قذف، وقال البعض إنه قذف إذا كان القاذف عاميًا وكان المعنى العامى يستعمل فى القذف لأنه لا يريد به إلا القذف وإن كان من أهل العلم باللغة فهو ليس قذفًا (٣) .

استعمال صيغة المبالغة أو صيغة الترخيم لا ينفى وجوب الحد على القاذف، فمن قال لرجل: يا زانية، أو قال لامرأة: يا زانى، فهو قذف صريح، ذلك هو رأى مالك والشافعى وأحمد (٤) .


(١) المهذب ج٢ ص ٢٩٠، ٢٩١.
(٢) المغنى ج١٠ص ٢١٦.
(٣) المغنى ج١٠ص ٢١٦، شرح فتح القدير ج ٤ ص٢٠٠ , المهذب ج١٠ ص ٢٩١.
(٤) مواهب الجليل ج٦ ص ٣٠٤، المهذب ج٢ ص ٢٩١ المغنى ج١٠ ص ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>