للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى أبو حنيفة وأصحابه حد القاذف لو قال لامرأة يا زانى؛ لأن الترخيم شائع ولا يمكن أن يفهم من هذا اللفظ إلا الرمى بالزنا، أما إذا استعمل القاذف صيغة المبالغة فقال للرجل يا زانية، فلا حد عليه عند أبى حنيفة وأبى يوسف وإنما عليه التعزير لأنه رماه بما يستحيل منه إذ الزانية هى المرأة وهى محل للوطء والرجل ليس محلًا له، ويرى محمد من أصحاب أبى حنيفة حد القاذف بصيغة المبالغة لأن التاء فى الزانية أضيفت للمبالغة وليست للتأنيث (١) .

وإذا رمى القاذف رجلا بالزنا وعيَّن المزنى بها كأن قال: زنيت بفلانة، فهو قاذف للرجل والمرأة معًا، أو قال له يا زانى ابن الزانى وكان الأب موجودًا فهو قاذف للأب وابنه، أو قال لامرأة يا زانية بنت الزانية فهو قاذف للمرأتين (٢) .

ويشترط فى القذف أن يكون المقذوف معلومًا فإن كان مجهولا فلا حد على القاذف، فمن قال لجماعة: ليس فيكم زان إلا واحد، أو قال لرجلين: أحدكما زان، لم يحد لأن المقذوف مجهول وما جعل الحد إلا لدفع العار عن المقذوف (٣) .

ويجب أن يكون القذف مطلقًا عن الشرط والإضافة إلى وقت معين، فإن كان كذلك فلا حد عليه فيه؛ لأن ذكر الشرط والوقت يمنع وقوعه قذفًا للحال، فمن قال لآخر: إن دخلت هذه الدار فأنت زان فدخلها فلا يعتبر قاذفًا. ومن قال لآخرين: من قال عنى كذا وكذا فهو زان فقال رجل أنا قلت ذلك؛ فلا حد، ومن قال لغيره: أنت زان أو ابن الزانية غدًا أو رأس الشهر، فجاء الغد أو رأس الشهر فلا حد عليه (٤) .

ولا يعتبر نقل القذف قذفا من الناقل إذا نقله للمقذوف كلف بذلك أم لم يكلف به، بشرط أن يثبت أنه ناقل وأن تكون الصيغة دالة على أنه مكلف


(١) شرح فتح القدير ج٤ ص ١٩١.
(٢) المغنى ج١٠ص ٢١٦، المهذب ج٢ ص ٢٩٣، بدائع الصنائع ج٧ ص ٤٢.
(٣) المغنى ج١٠ص ٢١٦، المهذب ج٢ ص ٢٩٣، بدائع الصنائع ج٧ ص ٤٢.
(٤) بدائع الصنائع ج٧ ص ٤٦، المغنى ج١٠ ص ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>