للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنقل أو أنه يروى عن غيره، فمن قال لآخر: اذهب إلى فلان فقل له يا زانى، فذهب الآخر وقال ذلك للمقذوف، فلا حد عليه، أما إذا اقتصر على عبارة القذف فقط فهو قاذف. ويرى كل من أبى حنيفة والشافعى وأحمد أن الناقل لا يعتبر قاذفًا إذا كذبه المنقول عنه حيث لم يثبت أنه ناقل (١) .

وإذا رمى القاذف بالزنا خصيًا أو مجبوبًا أو مريضًا فعليه الحد عند أحمد، وحجته أن نص القذف عام ينطبق على كل قذف وكل مقذوف فيستوى أن يكون المقذوف قادرًا على الوطء أو عاجزًا عنه، لأن إمكان الوطء أمر خفى لا يعلمه الكثير من الناس فلا ينتفى العار عند من لم يعلمه بدون الحد، ويرى مالك وأبو حنيفة والشافعى أن لا حد على قاذف أحد هؤلاء ما دامت الواقعة المقذوف بها تالية للعجز عن الوطء لأن العار منتف عن المقذوف بدون الحد للعلم بكذب القاذف والحد إنما يجب لنفى العار، ولكن امتناع الحد لا يمنع من تعزير القاذف لأنه آذى المقذوف (٢) .

ويشترط أبو حنيفة لحد القاذف أن يكون القذف فى دار الإسلام فإن كان القذف فى دار الحرب أو فى دار البغى فلا حد على القاذف؛ لأنه لا ولاية للإمام على دار الحرب ولا على دار البغى وقت القذف (٣) .

ولكن الأئمة الثلاثة يرون حد القاذف على قذفه ولو وقع فى دار الحرب أو دار البغى ما دام أنه يلتزم أحكام الإسلام. ومن نفى شخصًا عن أبيه كأن قال له لست لأبيك فإنه يحد باتفاق، ولكن أبا حنيفة يشترط أن تكون أم المنفى نسبه حرة مسلمة لأن القذف فى الحقيقة قذف للأم، ويفرق بين ما إذا كان النفى فى حالة الغضب فيوجد الحد وبين ما إذا


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص ٤٤، المهذب ج٢ ص ٢٩٣، المغنى ج١٠ ص ٢١٦.
(٢) شرح الزرقانى ج٨ ص ٨٦، شرح فتح القدير ج٤ ص ١٩١، المغنى ج١٠ ص ٢٠٣.
(٣) بدائع الصنائع ج٧ ص ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>