للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الأوراق المثبتة لهذه الحقوق المعنوية تعتبر فى ذاتها منقولاً ومن ثم يمكن سرقتها, وتقع السرقة فى هذه الحالة على الأوراق لا على ما تضمنه من حقوق.

وليس فى الشريعة ما يمنع من أن يكون القوى الطبيعية والأشياء المباحة أصلاً محلاً للسرقة كالضوء والحرارة والبرودة والماء والهواء, والعبرة فى ذلك كله وأشباهه بإمكان احتياز الشىء والتسلط عليه, فكل من استطاع أن يحتاز شيئاً من هذه الأشياء المباحة الأصل يصبح مالكاً لها وإن كان احتياز هذه الأشياء وأمثالها والتسلط عليها يجعلها منقولاً يعاقب على سرقته ما يعاقب على سرقة أى منقول آخر, وعلى هذا فليس ثمة ما يمنع من اعتبار الكهرباء محلاً للسرقة لأن احتيازها والتسلط عليها ونقلها من مكان إلى آخر فى حيز الإمكان.

٦٠٧- ثانياً: أن يكون مالاً متقوماً: بصفة مطلقة, فإن كانت قيمته نسبية فلا قطع فى سرقته والعقوبة عليه التعزير, فالخمر ولحم الخنزير مثلاً لا قيمة لهما عند المسلم ولكن لهما قيمتهما عند غير المسلم ومن ثم كانت قيمتهما نسبية لا مطلقة, وهذا النقص فى القيمة هو الذى منع من القطع لأنه شبهة ووجه الشبهة عدم المالية أو عدم التقوم, والحدود تدرأ بالشبهات, ويستوى أن يكون صاحب المال مسلماً أو غير مسلم وأن يكون السارق مسلماً أو غير مسلم؛ لأن العبرة ليست بالمالك أو السارق وإنما العبرة بتقوم المال أو عدم تقومه (١) .

وتعبير المال المتقوم هو ما يعبر به الحنفية. أما الأئمة الثلاثة فيعبرون عن هذا المعنى بعبارة المال المحترم, ويشترط الزيدية أن يكون المال مما يجوز تملكه, والظاهريون يعبرون بمثل هذا التعبير فيقولون: مال له قيمة ومال لا قيمة له (٢) , وكل هذه العبارات تؤدى معنى واحداً.


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٦٩, نهاية المحتاج ج٧ ص٤٢١, أسنى المطالب ج٤ ص١٣٩, شرح الزرقانى ج٨ ص٩٧, المغنى ج١٠ ص٢٨٢, كشاف القناع ج٤ ص٧٧, شرح الأزهار ج٤ ص٣٦٥.
(٢) المحلى ج١١ ص٣٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>