للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى أبو حنيفة ومعه محمد من فقهاء المذهب أن كل ما يوجد جنسه تافهاً ومباحاً فلا قطع فيه, لأن كل ما كان كذلك فلا عز له ولا خطر ولا يتموله الناس.

ولكن غيرهما من فقهاء المذهب يرون الاعتماد على التفاهة دون الإباحة لأن الذهب والفضة واللآلئ والجواهر مباحة الجنس ولا شك أن فيها القطع (١) .

ويرى أبو حنيفة أن لا قطع فى سرقة ميتة أو جلدها لانعدام المالية؛ أى لأنها لا تعتبر مالاً, ولا فى سرقة كلب لاختلاف العلماء فى ماليته, ولا فى أدوات الملاهى من طبل ودف ومزمار ونحوها لأن هذه الأشياء مما لا يتموله الناس عادة أو لأن فى ماليتها قصوراً لكراهة الاشتغال بها (٢) .

وعند أبى حنيفة أن لا قطع فى سرقة طير ولا صيد وحشاً كان أو غيره, ولا فيما علم من الجوارح كالبازى والصقر لأن الطيور والوحوش مباحة الأصل ولا يتم إحرازها فى الناس عادة ولأنها تأتى عن طريق الاصطياد وهو مباح, فضلاً عن أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصيد لمن أخذه" يورث شبهة والقطع يندرئ بالشبهة, كذلك فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا قطع فى الطير" (٣) .

كذلك يرى أبو حنيفة أن لا قطع فيما لا يحتمل الادخار ويتسارع إليه الفساد ولا يبقى من سنة إلى سنة. فلا قطع عنده فى سرقة الطعام الرطب والبقول والفواكه الرطبة واللحم والخبز والرياحين وما أشبه, ولا قطع فى سرقة شطرنج ذهب أو فضة أو صليب أو صنم لأنه يتأول أن السارق يأخذها لكسرها, أما الدراهم التى عليها تماثيل فيقطع فيها لأنها لا تعتبر عادة فلا تأويل له فى الأخذ للمنع من العبادة (٤) ؛ لأن ما لا يحتمل الادخار يقل خطره عند الناس فيعتبر تافهاً. ولا قطع عند


(١) شرح فتح القدير ج٤ ص٢٢٦, بدائع الصنائع ج٧ ص٦٩.
(٢) شرح فتح القدير ج٤ ص٢٣٢, بدائع الصنائع ج٧ ص٦٧.
(٣) بدائع الصنائع ج٧ ص٦٨, شرح فتح القدير ج٤ ص٢٢٧, ٢٣٢.
(٤) بدائع الصنائع ج٧ ص٧٢, شرح فتح القدير ج٤ ص٢٣٠, ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>