للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملائماً لظروف الجريمة والمجرم، ذلك أن الأصل في الشريعة أن لجرائم التعازير مجموعة من العقوبات تتدرج من أتفه العقوبات إلى أشدها، والقاضي هو الذي يعين العقوبة التي تستحقها الجريمة بعد أن يطلع على ظروف الجريمة والمجرم، وليس القاضي ملزماً بتوقيع عقوبة معينة لكل جريمة، وإنما له الخيار والتعيين؛ يختار من مجموعة العقوبات ويعين العقوبة التي يراها ملائمة، فإذا جاء ولي الأمر وقيد سلطة القاضي في جرائم التعزير التي نص عليها، أو في بعض الجرائم التي نصت عليها الشريعة ونص هو أيضاً عليها، فإن سلطة القاضي تظل على حالها في الجرائم التي نصت عليها الشريعة ولم ينص عليها القانون؛ لأن الأصل هو توسيع سلطة القاضي، والتقييد جاء من جهة ولي الأمر في جرائم معينة، فتظل سلطة القاضي على حالها فيما لا قيد فيه، ويكون القيد فيما نص عليه ولي الأمر فقط، ومن ثم فللقاضي في جرائم التعزير التي نصت عليها الشريعة دون القانون أن يعاقب بالتوبيخ والتهديد والجلد والحبس والنفي والقتل والحبس إلى غير أمد معين، وغير ذلك من عقوبات التعزير، وللقاضي الجزئي أن يوقع العقوبات التعزيرية فيما عدا الحبس المؤبد أو غير المحدد المدة والقتل؛ لأن نية ولي الأمر ظاهرة في قانون

العقوبات في أنه أراد أن يجعل هاتين العقوبتين من اختصاص محاكم الجنايات.

أما جرائم التعزير التي نص عليها القانون مخالفاً حكم الشريعة، فحكمها أن ما اتفق فيه القانون مع الشريعة طبقت عليه نصوص القانون، وما اختلف فيه القانون مع الشريعة اعتبر غير منصوص عليه في القانون، وأخذ حكم الجرائم التعزيرية التي نصت عليها الشريعة ولم ينص عليها القانون، فصور الربا التي لم ينص عليها القانون يعاقب عليها بالعقوبات الشريعة، والصور التي نص عليها ولا يتفق نصه فيها مع نصوص الشريعة تأخذ نفس الحكم، أما الصور التي يتفق فيها القانون مع الشريعة فيعاقب عليها بالعقوبات القانونية.

<<  <  ج: ص:  >  >>