للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجني عليه من هذه الجراح, بشرط أن لا تكون الجريمة قد ثبتت على الجاني بالاعتراف لأن العاقلة لا تحمل اعترافاً (١) .

ولكن الفقهاء اختلفوا فيمن يحمل الدية إذا كان الجاني صغيراً أو مجنوناً, فرأى مالك وأبو حنيفة وأحمد أن الدية الواجبة على الصغير والمجنون تحملها العاقلة ولو تعمد الفعل؛ لأنهم يرون أن عمد الصغير والمجنون خطأ لا عمد, وإذ لا يمكن أن يكون لهما قصد صحيح فألحق عمدهما بالخطأ (٢) ، وفي مذهب الشافعي رأيان أحدهما وهو المرجوح يتفق مع الرأي السابق, والثاني هو الراجح (٣) يرى أن عمد الصغير والمجنون عمد؛ لأنه يجوز تأديبهما على القتل العمد وإن كان لا يمكن القصاص منهما, فكان عمدهما عمداً كالبالغ العاقل, وعلى هذا تجب الدية في مالهما.

ويختلف الفقهاء في حكم شبه العمد (٤) والخطأ، فيرى مالك أن العاقلة تحمل ما يبلغ ثلث دية المجني عليه أو الجاني, فما كان دون الثلث فهو على الجاني وحده (٥) . ويرى أحمد أن الجاني يحمل ما دون ثلث الدية الكاملة، فإن بلغ الثلث أو زاد عليه حملته العاقلة (٦) . ويرى أبو حنيفة أن الجاني يحمل ما دون نصف عشر الدية الكاملة وما زاد على ذلك تحمله العاقلة (٧) . ويرى الشافعي أن العاقلة تحمل الجميع ما قل أو كثر؛ لأن من ألزم بالكثير ألزم بالقليل من باب أولى (٨) .


(١) شرح الدردير ج٤ ص٢٥٠، بدائع الصنائع ج٧ ص٢٥٥، المغني ج٩ ص٤٨٨, المهذب ج٢ ص٢٠٩.
(٢) شرح الدردير ج٤ ص٢١٠، البحر الرائق ج٨ ص٣٤١، المغني ج٩ ص٥٠٤.
(٣) المهذب ج٢ ص٢١٠.
(٤) يلاحظ أن مالكاً لا يعترف بشبه العمد والفعل طبقاً لمشهور مذهبه؛ إما أن يكون عمداً أو خطأ ولا وسط بينهما.
(٥) مواهب الجليل ج٦ ص٢٦٥.
(٦) المغني ج٩ ص٥٠٥, ٥٠٦.
(٧) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٥٥.
(٨) المهذب ج٢ ص٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>