للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا حملت العاقلة الدية فيرى مالك وأبو حنيفة أن يتحمل الجاني من الدية ما يحمله أحد أفراد العاقلة, أما الشافعي وأحمد فيريان أن لا يحمل الجاني شيئاً مع العاقلة.

العاقلة: هي من يحمل العقل. والعقل هو الدية, وسميت عقلاً لأنها تعقل لسان ولي المقتول, وقيل: إنها سميت العاقلة لأنهم يمنعون عن القاتل. فالعقل على هذا هو المنع.

وعاقلة القاتل هم عصباته, فلا يدخل في العاقلة الإخوة لأم ولا الزوج ولا سائر ذوي الأرحام.

ويدخل في العصبة سائر العصبات مهما بعدوا؛ لأنهم عصبة يرثون المال إذا لم كن وارث أقرب منهم، ولا يشترط أن يكونوا وارثين في الحال, بل متى كانوا يرثون، لولا الحجب عقلوا.

ولا تكلف العاقلة من مال ما يجحف بها ويشق عليها؛ لأنه لزمها من غير جناية على سبيل المواساة للجاني والتخفيف عنه, فلا يخفف عن الجاني بما يشق على غيره ويجحف به, ولو كان الإجحاف مشروعاً كان الجاني ألحق به؛ لأنه موجب جنايته وجزاء فعله, فإن لم يشرع في حقه ففي حق غيره أولى.

واختلف الفقهاء في مقدار ما يحمله كل فرد, فقال مالك وأحمد: يترك الأمر للحاكم يفرض على كل واحد ما يسهل عليه ولا يؤذيه. وفي مذهب مالك رأي بفرض دينار على كل شخص. وفي مذهب أحمد رأي آخر يفرض نصف مثقال على الموسر وربع مثقال على متوسط الحال, وهو مذهب الشافعي. ويرى أبو حنيفة أن لا يزيد ما يؤخذ من الفرد عن ثلاثة أو أربعة, كما يرى التسوية بين الغني ومتوسط الحال (١) .


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٥٦, المغني ج٩ ص٥٢٠, مواهب الجليل ج٦ ص٢٦٧، المهذب ج٢ ص٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>