للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس في الشريعة ما يمنع من أن يكون الجلد عقوبة لأية جريمة من جرائم التعزير, وإن كان بعض الفقهاء يفضل أن يكون الجلد دون غيره عقوبة على الجرائم التي شرعت في جنسها الحدود, فيعاقب بالجلد على السرقات التي لا حد قيها, وعلى الزنا الذي لا حد فيه, وعلى القذف الذي لا حد فيه, وهكذا (١) . ويرى هؤلاء الفقهاء أن يعاقب بالجلد أو بغيره من عقوبات التعازير على الجرائم التي ليس في جنسها ما يوجب الحد, والقائلون بهذا ينظرون إلى أن عقوبة الجلد أشد تأديباً وأكثر ردعاً عن ارتكاب الجرائم الخطيرة، والمفروض أن الجرائم التي شرعت في جنسها الحدود هي أخطر الجرائم (٢) .

٤٨٢ - الحبس: الحبس في الشريعة على نوعين, حبس محدد المدة، وحبس غير محدد المدة.

٤٨٣ - الحبس المحدد المدة: تعاقب الشريعة بالحبس المحدد المدة على جرائم التعزير العادية وتعاقب به المجرمين العاديين. ولقد ذكرنا أن الفقهاء يفضلون عقوبة الجلد على غيرها من العقوبات إذا كانت الجرائم خطيرة أو كان المجرمون خطرين أو ممن لا يردعهم إلا الجلد.

وأقل مدة هذا النوع من الحبس يوم واحد, أما حده الأعلى فغير متفق عليه, فيرى البعض أن لا يزيد عن ستة أشهر, ويرى البعض أن لا يصل إلى سنة كاملة, والبعض الآخر يرى تقدير حده الأعلى لولي الأمر (٣) .

والذين يحددون مدة الحبس هم الشافعيون, ويشترطون أن لا يصل إلى سنة؛ لأنهم يقيسونه على التغريب في حد الزنا, والتغريب لا يزيد على عام, فوجب


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٦٤.
(٢) راجع الفقرة ٩٨.
(٣) تبصرة الحكام ج٢ ص٢٨٤, شرح فتح القدير ج٤ ص٢١٦, الأحكام السلطانية ص٢٠٦, المغني ج١٠ ص٣٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>