للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى مذهب الشافعى رأيان: أولهما: أن الإذن فى القتل يسقط العقوبة ولا يبيح الفعل، ومن ثم فلا قصاص ولا دية. ثانيهما: أن الإذن فى القتل لا يبيح الفعل ولا يسقط العقوبة ولكنه شبهة تدرأ القصاص وتوجب الدية (١) . وبعض أصحاب هذا الرأى يرى القصاص لأن الإذن ليس شبهة.

أما أحمد فيرى أن لا عقاب على الجانى لأن من حق المجنى عليه العفو عن العقوبة، والإذن بالقتل يساوى العفو عن العقوبة فى القتل (٢) , وهذا يتفق مع الرأى الأول فى مذهب الشافعى.

٩٢- الرضاء بالجرح: يرى أبو حنيفة وأصحابه أن الإذن بالقطع والجرح يترتب عليه منع العقوبة لأن الأطراف عندهم يسلك بها مسلك الأموال وعصمة المال تثبت حقًا لصاحبه فكانت العقوبة على القطع والجرح محتملة السقوط بالإباحة والإذن، ولكنهم اختلفوا فيما إذا أدى الجرح أو القطع إلى الموت فأبو حنيفة يرى الفعل قتلاً عمدًا لأن الإذن كان عن الجرح أو القطع، فلما مات تبين أن الفعل وقع قتلاً لا جرحًا ولا قطعًا ومن ثم فعليه عقوبة القتل العمد، ولما كان الإذن يعتبر شبهة تدرأ القصاص فتعين أن تكون العقوبة الدية.

أما أبو يوسف ومحمد فمن رأيهما أنه إذا أدى الجرح أو القطع لموت فلا شىء على الجانى إلا التعزير لأن العفو عن الجرح أو القطع عفو عما تولد منه وهو القتل (٣) .

وفى مذهب مالك أن الإذن بالجرح والقطع لا عبرة به إلا إذا استمر مُبرئًا له بعد الجرح والقطع، فإن لم يبرئه بعد الجرح والقطع فيه العقوبة المقررة وهى القصاص أو الدية، أما إذا استمر مبرئًا له تسقط العقوبة المقررة وهى القصاص والدية ويحل محلهما التعزير ما لم يؤد الجرح أو القطع إلى الموت فيعاقب الجانى


(١) نهاية المحتاج ج٧ ص٢٤٨.
(٢) الإقناع ج٤ ص١٧١.
(٣) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٣٦ , ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>