للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن ما ضمن بسببين على سبيل البدل إذا تعذر أحدهما ثبت الآخر كذوات الأمثال (١) .

ونستطيع أن نتبين مدى الخلاف بين الفقهاء فى المثل الآتى: إذا قتل محمد عليًا، فإن لأولياء محمد حق القصاص على علىٍّ، فإذا مرض على ومات سقط القصاص بموته ولا شئ لأوليائه طبقًا لرأى مالك وأبى حنيفة، ولأوليائه الدية فى مال علىٍّ طبقًا لرأى الشافعى وأحمد، فإذا كان موت علىٍّ سببه أن زيدًا أطلق عليه عيارًا ناريًا عمدًا فقتله أو صدمه بسيارته خطأ فقتله فقد سقط معه القصاص ولا شئ لأولياء محمد كما يرى أبو حنيفة، وطبقًا لرأى مالك ينتقل حق القصاص إلى زيد ويكون لأولياء محمد أن يقتصوا منه فى حالة العمد، وليس لأولياء علىٍّ أن يقتصوا من زيد إلا إذا أرضوا أولياء محمد، وفى حالة الخطأ يدفع زيد دية على لأولياء محمد. وطبقًا لرأى الشافعى وأحمد يسقط القصاص وتكون لأولياء محمد ديته فى مال على.

١٨٢- العفو: أجمع الفقهاء على جواز العفو عن القصاص، وأن العفو عنه أفضل من استيفائه. والأصل فى جواز العفو الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقد أقر العفو فى سياق قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِى القَتْلَى الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِى لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ١٧٨] وفى سياق قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ} إلى أن قال: {فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ} [المائدة: ٤٥] .

وأما السنة: فإن أنس بن مالك قال: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع إليه شئ فى قصاص إلا أمر فيه بالعفو".

١٨٣- والعفو عن القصاص عند الشافعى وأحمد هو التنازل عن القصاص مجانًا أو عن الدية: فمن تنازل عن القصاص من القاتل مجانًا فهو عاف، ومن تنازل عن القصاص مقابل الدية فهو عاف، وإن كان مالك يرى أن العفو عن الدية يحتاج لنفاذه رضاء الجانى بدفع الدية، بخلاف الشافعى وأحمد اللذين يريان أن العفو عن الدية يعتبر نافذًا دون حاجة لرضاء الجانى (٢) .


(١) المهذب ج٢ ص٢٠١ , الشرح الكبير ج٩ ص٤١٧.
(٢) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢٣٠ , المهذب ج٢ ص٢٠١ , الشرح الكبير ج٩ ص٤١٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>