فكان يمشي بالنميمة)) ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فغرز في كل قبر واحدة وقال:((لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا)) (١) وهذا دليل على أنه قد يخفف العذاب، ولكن ما مناسبة هاتين الجريدتين لتخفيف العذاب عن هذين المعذبين؟
١- قيل: لأنهما أي الجريدتين تسبحان ما لم تيبسا، والتسبيح يخفف من العذاب على الميت، وقد فرعوا على هذا العلة المستنبطة -التي قد تكون مستبعدة- أنه يسن للإنسان أن يذهب إلى القبور ويسبح عنها من أجل أن يخفف عنها.
٢- وقال بعض العلماء: هذا التعليل ضعيف لأن الجريدتين تسبحان سواء كانتا رطبتين أم يابستين لقوله -تعالى-: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)(الإسراء: من الآية٤٤) وقد سمع تسبيح الحصى بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، مع أن الحصى يابس، إذن ما العلة؟
العلة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، ترجى من الله -عز وجل- أن يخفف عنهما العذاب ما دامت هاتان الجريدتان رطبتين، يعني أن المدة ليست طويلة، وذلك من أجل التحذير عن فعلهما، لأن فعلهما كبير كما جاء في الرواية ((بلى إنه كبير)) أحدهما لا يستبرئ من البول، وإذا لم يستبرئ من البول صلى بغير طهارة، والآخر يمشي بالنميمة يفسد بين عباد الله -والعياذ بالله- ويلقي بينهم العداوة، والبغضاء، فالأمر كبير، وهذا هو الأقرب أنها شفاعة مؤقتة تحذيراً
(١) أخرجه البخاري، كتاب الجنائز باب عذاب القبر من الغيبة والبول (١٣٧٨) ، ومسلم كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه (٢٩٢)