للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (الأنعام: ١٣٧) وقال: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) (البقرة: من الآية٢٥٣) .

وبعد فإن الجدير بالمرء ألا يبحث في نفسه ولا مع غيره في مثل هذه الأمور التي توجب له التشوش، وتوهم معارضة الشرع بالقدر، فإن ذلك ليس من دأب الصحابة -رضي الله عنهم- وهم أحرص الناس على معرفة الحقائق وأقربهم من معين إرواء الغلة، وكشف الغمة، وفي صحيح البخاري عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار)) . فقلنا: يا رسول الله أفلا نتكل؟ (وفي رواية أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟) قال: ((لا اعملوا فكل ميسر)) (١) وفي رواية: ((اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة. وأما من كان من أهل الشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاوة)) (٢) ثم قرأ: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) (الليل٥)) (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) (٦) (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) (الليل: ٧) (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى) (٨) (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) . (الليل: الآيات ٥، ١٠) . فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاتكال على الكتاب وترك العمل، لأنه لا سبيل إلى العلم به، وأمر بما


(١) أخرجه البخاري، كتاب القدر، باب وكان أمر الله قدراً مقدوراً. ومسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه (٢٦٤٧) .
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب موعظة المحدث عند القبر (١٣٦٢) ، ومسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه (٢٦٤٧) .

<<  <   >  >>